أكمل الخلق الذي حُبِّب إليه من الدنيا: النساءُ والطيب (١)، وكانت محبتُه لهما عونًا له على محبة الله وتبليغِ رسالاته والقيام بأمره.
وإن أحبَّها لموافقة طبعه وهواه وإرادته، ولم يؤثِرها على ما يحبه الله ويرضاه، بل نالها بحكم الميل الطبيعي، كانت من قسم المباحات، ولم يعاقَبْ على ذلك، ولكن ينقصُ من كمال محبته لله والمحبة فيه.
وإن كانت هي مقصودَه ومرادَه، وسعيُه في تحصيلها والظفر بها، وقدَّمها على ما يحبُّه الله ويرضاه منه= كان ظالمًا لنفسه، [١٦٩ أ] متَّبعًا لهواه.
فالأولى: محبة السابقين.
والثانية: محبة المقتصدين.
والثالثة: محبة الظالمين.
فتأمَّلْ هذا الموضع وما فيه من الجمع والفرق، فإنه معترَك النفس الأمَّارة والمطمئنة، والمهديُّ من هداه الله.
فصل
والفرق بين التوكُّل والعجز: أن التوكل عملُ القلب وعبوديتُه اعتمادًا على الله، وثقةً به، والتجاءً إليه، وتفويضًا إليه، ورضًا بما يقضيه له؛ لعلمه
(١) أخرجه النسائي (٣٩٤٩، ٣٩٥٠)، والإمام أحمد (١٢٢٩٣، ١٢٢٩٤)، وأبو عوانة (٤٠٢٠، ٤٠٢١)، وأبو يعلى (٣٥٣٠)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (٣٢٢)، والحاكم (٢/ ١٦٠) من حديث أنس رضي الله عنه، وزاد: «وجُعل قرة عيني في الصلاة». وصححه الحاكم على شرط مسلم، وقال العراقي في المغني: «إسناده جيد». وقال الحافظ في التلخيص (٣/ ١١٦): «إسناده حسن». (قالمي).