وقد قالوا: إن الإيلاء لا يكون إلا بيمين، فإن حلف الإنسان ألا يطأ امرأته أربعة أشهر، قالوا: يقع الطلاق بتَقَضّيها، فإن هذا لا يخلو من أن يكون في الأربعة أو في الخامس، فإن كان في الرابع فقد جعل اللَّه له الأربعة، لا مقال عليه فيها، وإن كان في الخامس فقد وقع الطلاق وهو غير مولي، ومع ذلك فإن اللَّه قال: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦ - ٢٢٧]، وإنما يُسمَع الكلام، وقال اللَّه تعالى:{وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}[المجادلة: ١]، ويقال: سمع اللَّه قولك، ورأى فعلك.
ومالك -رضي اللَّه عنه- لا يرى من حلف على أربعة أشهر موليًا (١)، لأن تقضّيها يخرجه عن الحكم، ومع ذلك فإن قوله سبحانه:{فَإِنْ فَاءُو} لا يكون إلا لمستقبل بعد تقضي الكلام في المدة، وإن عزموا مثله، هذا لسان العرب لا يعرف خلافه.
ولا أعلم خلافًا أن اللَّه تعالى إذا جعل أجلًا، لم يزل حكمه إلا بخروجه، ألا تراه قال:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، فلا يجوز عقد إلا في الحادي عشر، وإن الديون إذا قيل إلى شهر، لم يكن لصاحب الحق مطالبة حتى يمضي الشهر ويدخل الثاني، ويأتي تقصّي قولهم في كتاب الاحتجاج عليهم، لأنه يطول هاهنا بذكر الروايات.