للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو أيضًا خطأ على قول من يزعم أن البقرة عن سبعة (١)، لأن أزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كنَّ تسعًا، فكيف تجزئ عنهم بقرة؟

وليس يجوز عندنا الاشتراك في الهدايا، لإجماع الصحابة لما سئلوا عما {اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، فذكروا رأسًا عن كل رأس، فقالوا: البقرة، والبدنة، والشاة.

ويجوز في الضحايا في أهل البيت وإن كثروا، إذا كان المضحي عنهم واحدًا (٢).

ولا يجوز ذلك في المُتَبايِنَيْن، لِما روي عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه ضحى عن أمته، ولما ذكره أبو أيوب الأنصاري أنه كان يفعل، وليس سبيل الضحايا سبيل الهدي.

قال اللَّه تبارك وتعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥]، فجعله مِثْلًا ليكون على القاتل مثل المقتول من النعم، وهو واحد من الهدي، ولم يَجُز أن يكون بعضَ واحد.

وقال: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}، فهو واحد، وقد يكون من الإبل، وقد يكون من البفر، ويكون من الشّاءِ، فأي ذلك استيسر فالهدي اسم للجميع، وواحده هَدِيَّة.

وقال: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: ٢٥] فعلم أنهم صدوه.

ولما قيل: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥]، علم أنه عن الشيء الواحد، واحد من الإبل، لأن الأمة على العموم، ولم يقصد بها لإنسان بعينه، ولا في


(١) هو مذهب أبي حنيفة والشافعي، انظر الإشراف (١/ ٥٠٦)، والأم (٤/ ٥٦٧).
(٢) في الأصل: واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>