والحاصل: أن المهر على أن يخدم الرجل المرأة بنفسه في البيت أو غيره لا يجوز عند الحنفية، ويجوز عند الشافعية، ويجوز عند الحنابلة لمدة معينة. ويصح أن يتزوج الرجل امرأة على عمل معلوم، كخياطة ثوب معين منه ومن غيره، فإن تلف الثوب قبل خياطته، فعليه أجرة المثل.
ولا يجوز أن يكون المهر شيئاً محرَّماً والزوجان مسلمان أو المرأة كتابية، مثل الخمر والخنزير والمغصوب، وتعليم التوراة أو الإنجيل أو شيء منهما، فإن تزوج الرجل بمحرَّم، صح النكاح ووجب مهر المثل لفساد التسمية، بانتفاء كون الخمر والخنزير مالاً، وانتفاء كون المغصوب ملكاً للزوج، ولأن المذكور من التوراة أو الإنجيل منسوخ مبدل محرم، فهو كما لو أصدقها محرماً.
ولا يصح كون المهر فيه غرر كالمعدوم والمجهول، ولا ما لا يتم تملكه له كالمبيع قبل القبض، ولا ما لا يقدر على تسليمه كالعبد الآبق والبعير الشارد والطير الطائر؛ لأنه عوض في عقد، فلا يجوز به كالعوض في البيع والإجارة. فإن تزوج على شيء منه لم يبطل النكاح؛ لأن فساده ليس بأكثر من عدمه أي عدم المهر، فإذا صح النكاح مع عدمه صح مع فساده، ويجب مهر المثل؛ لأنها لم ترض من غير بدل، ولم يسلم لها البدل، وتعذر رد المعوض، فوجب رد بدله، كما لو باع سلعة بمحرم وتلفت في يد المشتري.
وتضر الجهالة الفاحشة بأن كانت هناك جهالة في الجنس أو النوع أو المقدار أو الصفة، فإن أصدقها داراً غير معينة، أو دابة مبهمة، أو شيئاً لم يعينه ولم يصفه، أو أصدقها مجهولاً كمتاع بيته، وما يحكم به أحد الزوجين أو ما يحكم به زيد، أو ما يثمر شجره ونحوه، لم يصح. وإن أصدقها ما لا منفعة فيه كالحشرات، أو أصدقها ما لا يقدر على تسليمه كالطير في الهواء والسمك في الماء، أو ما لا يتمول