للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل الجمهور: حديث عدي بن حاتم: «إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله تعالى، فكل ما أمسك عليك. قلت: وإن قتل؟ قال: وإن قتل، إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل، فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه». وظاهر الكتاب يدل عليه وهو قوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} [المائدة:٤/ ٥] والإمساك يكون بعدم الأكل من الصيد، ولأن من أهم خواص التعليم عدم الأكل.

واستدل المالكية في المشهور عندهم، وأحمد في رواية عنه بعموم قوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} [المائدة:٤/ ٥] وبحديث أبي ثعلبة الخشني: «إذا أرسلت كلبك المعلَّم، وذكرت اسم الله عليه، فكل، قلت: وإن أكل منه يارسول الله؟ قال: وإن أكل» وحملوا حديث عدي على الندب، وهذا على الجواز. ولأنه صيد جارح معلم، فأبيح، كما لو لم يأكل، فإن الأكل يحتمل أن يكون لفرط جوع أو غيظ على الصيد.

ويلاحظ أن حديث عدي أصح من حديث أبي ثعلبة، لأنه متفق عليه، وعدي بن حاتم أضبط، ولفظه أبين، لأنه ذكر الحكم والعلة. ورد ابن رشد المالكي على متأخري المالكية بقوله (١): وهذا الذي قالوه خلاف النص في الحديث، وخلاف ظاهر الكتاب، وهو قوله تعالى: {فكلوا مما أمسكن عليكم} [المائدة:٤/ ٥] وللإمساك على سيد الكلب طريق تعرف به، وهو العادة. ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: «فإن أكل، فلا تأكل، فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه».

السادس ـ عند المالكية (٢): ألا يرجع الجارح عن الصيد، فإن رجع بالكلية،


(١) بداية المجتهد: ٤٤٤/ ١.
(٢) القوانين الفقهية: ص ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>