للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدبغ عند الحنفية مطهر إذا كان بما يمنع النَّتَن والفساد، ولو دباغة حُكْمية كالتتريب والتشميس، لحصول المقصود بها. وكل ما يطهر بالدباغة يطهر بالذكاة. والدبغ يطهر جلد الكلب والفيل على المعتمد، واستثناء جلد الآدمي للكرامة الإلهية، واستثناء جلد الخنزير لنجاسته العينية، وألحقوا بهما ما لا يحتمل الدباغة كفأرة صغيرة. أما ما على جلد الميتة من شعر ونحوه فهو طاهر، وقميص الحية طاهر.

والدبغ مطهر أيضاً عند الشافعية (١)، فيطهر كل جلد نجس بالموت ظاهره، وكذا باطنه على المشهور وإن كان من غير مأكول اللحم للحديثين السابقين مع حديث ابن عباس (في الحاشية)، لكن يشترط أن يكون الدبغ بشيء قالع: وهو نزع فضول الجلد (وهي مائيته ورطوباته التي يفسده بقاؤها، ويطيبه نزعها) بحرِّيف (ما يحرف الفم أي يلذع اللسان بحرافته) كالقَرَظ (ورق السَلَم مثل شجر الجوز يدبغ به) والعفص وقشور الرمان، والشب (شيء معروف من جواهر الأرض). سواء أكان طاهراً أم نجساً كذرق الطيور، ولا يصح الدبغ بشمس وتراب وتجميد وتمليح بما لا ينزع الفضول، وإن جف الجلد، وطابت رائحته؛ لأن الفضلات لم تزل، وإنما جمدت، بدليل إنه لو نقع في الماء عادت إليه العفونة.

ولا يطهر عند الشافعية بالدبغ جلد الكلب والخنزير وما تولد منهما أو من أحدهما مع حيوان طاهر، كما لا يطهر عندهم بالدبغ ما على جلد الميتة من شعر ونحوه، لكن يعفى عن القليل من ذلك لمشقة إزالته.


(١) مغني المحتاج: ٨٢/ ١، المهذب: ٤٨/ ١

<<  <  ج: ص:  >  >>