القضية الثانية: قضية ليس لها علاقة بموضوع الحج والغزو، إنما جاءت بمناسبة الكلام على صلاة الجمعة وليس لها مدخل في مسألة الإمامة، لكن أقحمها الشيخ إقحاماً، وهي قوله:(ويصلي بعدها) أي بعد صلاة الجمعة (ست ركعات يفصل بين كل ركعتين، هكذا قال الإمام أحمد).
الإمام أحمد رحمه الله لم يأت بشيء من عنده كما هو معروف، فهذه السنة مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وربما أتى بها الشيخ هنا؛ لأنه كان في وقته من خالف السنة.
وصلاة النافلة بعد صلاة الجمعة لها عدة صور بعضها واردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبعضها لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن كان الصحابة يفعلونها دون أن ينكر بعضهم على بعض، فصلاة الركعتين بعد صلاة الجمعة وردت في السنة، وصلاة أربع وردت في السنة، وثبتت كلها في البخاري ومسلم وغيرهما.
وكذلك صلاة ست ركعات في البخاري ومسلم وغيرهما، سواء صلى ركعتين ركعتين أو صلى ركعتين ثم أربعاً كما ورد في بعض ألفاظ الحديث، فكل هذه الصور جائزة، ولو لم يصل فقد ورد عن بعض الصحابة أنهم كانوا لا يصلون بعد الجمعة، وقد ذكر كثير من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أثرت عنه جميع هذه الأحوال، فليس على أحد حرج أن يفعل هذا أو ذاك.
وهذه من المسائل الخلافية التي لا ينبغي أن تدخل في مسائل الاعتقاد إلا من باب التنبيه على أنها من السنن النوافل.
مداخلة: شيخ، هل كان السلف يفرقون في الصلاة خلف الفاجر في صلاة الجمعة عن غيرها من الصلوات؟ الشيخ: يفرق في الصلاة خلف البر أو الفاجر في صلاة الجمعة عن غيرها؛ لأن صلاة الجمعة آكد، ولا يسع أحداً تركها؛ هذا أمر.
الأمر الآخر أن الذي يتولى صلاة الجمعة غالباً هم الولاة، أما الصلاة العادية فتنعقد بين المسلمين حتى ممن لم يوله الأمير صلاة الجماعة، والغالب أن أمراء الأمة في تاريخ الإسلام لا يهتمون بتعيين كل إمام في الفرائض، لكنهم يعنون بأئمة الجمعة؛ لأن الجمعة أظهر شعاراً؛ ولأن الجمعة كان يتولاها الولاة كما في القرن الأول والثاني والثالث وما بعدها، فكان اجتماع الكلمة عليهم على هذه الصورة هو المقصود هنا.
أما إمامة المساجد فيتولاها الأمراء وغير الأمراء، ويتولاها من ولي ومن لم يول ممن يصلح للإمامة، فمن هنا كان الأمر فيها أخف، أما الجمعة فالأمر فيها أشد.