للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشهوات وكثرة حسناته فضلا عما لا ينكره أحد من كثرة ما أقام من إنشاءات وإصلاحات «١»، ويعتبر أبرز سلاطين دولة المماليك الجراكسة، فقد امتد حكمه طيلة تسعة وعشرين عاما، ومن الجانب السياسي فقد كان ماهرا وموصوفا بأنه كان «كفؤا للسلطنة وافر العقل، سديد الرأي عارفا بأحوال المملكة، يضع الأشياء في محلها ... موصوفا بالشجاعة عارفا بأنواع الفروسية» «٢» وقد اضطرته حروبه الكثيرة إلى زيادة الضرائب في كثير من الأحيان، وكان ازدياد قوة آل عثمان سببا في حدوث بعض المنازعات بينهم وبين قايتباي وقد انتهت بمهادنة الطرفين في سنة ٨٩٦ هـ «٣».

وفي أيام هذا السلطان في سنة ٨٩٧ هـ أصاب البلاد وباء شديد وقد عاصر السيوطي هذا الوباء وذكر أنه «جمع في الموت بين كل ألفين، وبلغ عدد الموتى في كل يوم أزيد من ألفين، وقيل أكثر من ذلك .. » «٤».

ويفيض السيوطي في وصف هذا الطاعون وما أحدثه بالبلاد من خراب حتى أن نصف سكان القاهرة قد قضوا نحبهم بسببه، كما أن القرى والأقاليم لم تسلم منه ثم كان للاسكندرية نصيب في العام التالي من هذا الطاعون «٥»، وكان الوباء المشار إليه ثالث الأوبئة الجارفة التي أصابت البلاد في حكم قايتباي فقد كان أولها في عام ٨٧٣ هـ، وحدث الثاني في عام ٨٨١ هـ، ويبدو أن هذه الأوبئة كانت سمة بارزة في هذا العصر وكانت تعتري الناس في فترات غير متباعدة حتى أن مدة خمس عشرة سنة بين وباءين تعتبر في في نظرهم مدة طويلة «٦».


(١) الشوكاني: البدر الطالع ج ٢ ص ٥٥ - ٥٦ ترجمة السلطان قايتباي.
(٢) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ٢٩٨، د. سعيد عاشور، العصر المماليكي ص ١٧٤.
(٣) عبد الوهاب حمودة: صفحات من تاريخ مصر في عصر السيوطي ص ٦.
(٤) السيوطي: المقامة الطاعونية ضمن مقامات السيوطي ص ٦٩.
(٥) المصدر السابق ص ٧٠ - ٧١.
(٦) المصدر السابق ص ٦٩ حيث يقول «وكان للطاعون نحو خمس عشرة سنة لم يطرق هذين المصرين»، انظر ابن اياس ج ٢ ص ٢٧٢ - ٢٧٦.

<<  <   >  >>