للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يؤلب طوائف المماليك على غيره وأن يجمع غالبيتهم حوله هو الذي يستطيع الوصول إلى دست السلطنة بعد وفاة السلطان أو بتنحيته عن الحكم.

وهكذا فلقد كانت الفتن الداخلية والمنازعات بين أمراء المماليك من أجل الوصول إلى دست السلطنة هي طابع ذلك العصر «١»، ولم تكن تخمد هذه الفتن إلا في خلال حكم سلطان قوي يستطيع بدهائه وقوته مواجهة هذه الصعاب والتغلب عليها. وفضلا عن هذه الفتن الداخلية فلقد طبع هذا العصر ببعض الاضطرابات الخارجية التي تعود سلاطين المماليك مواجهتها وهي خروج أمراء الشام على طاعتهم، وكذلك تعرض البلاد لغزوات المغول، ولغارات الأعراب المتكررة «٢»، ثم ظهرت منافسة سلاطين آل عثمان الذين قويت شوكتهم واتجهوا للغزو توسيعا لرقعة دولتهم وأصبح سلاطين المماليك يجدون فيهم منافسا خطيرا لهم.

وقد عاصر السيوطي في طفولته مجموعة من السلاطين الذين كان لهم حكم البلاد «٣»، وقد شهدت هذه الفترة تولية عدد كبير منهم لم يكن يستقر بهم المقام في دست السلطنة طويلا، حتى أقيم «سلطان العصر الملك الأشرف قايتباي المحمودي» «٤»، والحقيقة أن أهم السلاطين الذين عاصرهم السيوطي هو قايتباي (٨٧٢ - ٩٠١ هـ)، وهو أطول ملوك هذه الفترة حكما، وأصله من مماليك الأشرف برسباي، وغريب ألا نجد لقايتباي ترجمة في كتاب السيوطي الذي ترجم فيه لأعيان القرن التاسع «٥»، بالرغم من أنه لم يغفل كثيرا من معاصريه ومن سلاطين عصره من الأتراك والمغول والمماليك ويبدو أنه قد أفرده بترجمة.

وقد امتدحه كثير من المؤرخين فأشاد بحسن تدينه وحبه للخير وتعففه عن


(١) د. سعيد عاشور: العصر المماليكي ص ٣٢٣.
(٢) المصدر السابق ص ٤.
(٣) تحدث عنهم في حسن المحاضرة ج ٢ ص ١٠٦، وهؤلاء السلاطين ذكرهم ابن إياس في حوادث تلك الأعوام، راجع: تاريخ مصر ج ٢ ص ٢٩ - ٧٠.
(٤) السيوطي: حسن المحاضرة ج ٢ ص ١٠٦، العصر المماليكي ص ١٧٢.
(٥) كتاب نظم العقيان في أعيان الأعيان.

<<  <   >  >>