للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن يكن السيوطي قد أغفل ترجمة السلطان قايتباي على ما يبدو فإنه لم يفته أن ينوه بذكره وأن يمتدحه في كتابه الذي ألفه بعد وفاته فذكر عنه أنه «سار في المملكة بشهامة وصرامة ما سار بها قبله ملك من الملوك من عهد الناصر محمد بن قلاوون .. ومن سيرته الجميلة أنه لم يولّ بمصر صاحب وظيفة دينية كالقضاة والمشايخ والمدرسين إلا أصلح الموجودين لها بعد طول تروية وتمهلة بحيث تستمر الوظيفة شاغرة الأشهر العديدة ولم يولّ قاضيا ولا شيخا بمال قط» «١».

وجدير بالذكر هنا أن السخاوي معاصر السيوطي قد أثنى غاية الثناء على قايتباي في ترجمته له التي يبدو أنه كتبها في حياته فنوه بقوته وحسن تصرفه كما أشاد بحسن تدينه واعتقاده، وسيرته الحسنة في الرعية، وكثرة ما أقام من إصلاحات وانشاءات حتى قال فيه: «وبالجملة فلم يجتمع لملك ممن أدركناه ما اجتمع له، ولا حوى من الحذق والذكاء والمحاسن مجمل ما اشتمل عليه ولا مفصله» «٢»، أما ابن اياس الذي كتب تاريخ هذه الحقبة وكان معاصرا لها والذي كتب عن السلطان قايتباي بعيد وفاته فإنه يبدو في تاريخه أكثر اعتدالا وموضوعية حيث يشيد بحسناته ولا يغفل ذكر بعض مساويه ثم يقول: «وكانت محاسنه أكثر من مساويه» «٣».

وبالاضافة إلى ما ذكرنا من مميزات الفترة التي حكمها قايتباي من منافسة العثمانيين إلى انتشار الطواعين، فقد تميزت هذه الفترة بكثرة الضرائب وجمع الأموال للحروب وهذا ما جعل مؤرخا كابن إياس يذكر عنه أنه «كان محبا لجمع الأموال ناظرا لما في أيدي الناس ولولا ذلك لكان يعد من خيار الملوك» «٤».

كما أن هذه الفترة قد تميزت نسيبا باستقرار الأوضاع السياسية الداخلية وذلك إذا ما قورنت بالفترات السابقة واللاحقة، أو بعبارة أخرى إذا ما قورنت بطابع ذلك العصر الذي اصطبغ بالفتن والمؤامرات والحروب الداخلية بين أمراء


(١) السيوطي: تاريخ الخلفاء ص ٣٤٢.
(٢) السخاوي: الضوء اللامع ج ٦ ص ٢٠١ - ٢١٠.
(٣) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ٢٩٨.
(٤) المصدر السابق: ج ٢ ص ٢٩٨.

<<  <   >  >>