للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول]

[الحياة السياسية والاجتماعية]

لا بد لنا قبل البدء في الحديث عن حياة السيوطي وآثاره أن نتناول بالحديث البيئة التي عاش فيها ونبت بين ربوعها والتي انعكست آثارها ومقوماتها- بلا شك- فيها أنتجه من دراسات متنوعة لغوية كانت أو غير لغوية.

والحديث عن البيئة أعني به إعطاء صورة واضحة لجوانب الحياة المختلفة، فهذه الجوانب مرتبطة متصلة الأمشاج يؤثر بعضها في بعض.

ولئن حاولنا أن نبدأ بأحد هذه الجوانب فإن الأمثل في تصوري أن يكون بالجانب السياسي لهذه البيئة لأنه يمثل الإطار الخارجي لجميع جوانب الحياة الأخرى، وتناول الجانب السياسي يقتضي منا أن نرجع قليلا عبر الزمان لنرى بداية هذا النظام الذي ساد البيئة المصرية وبيئة الشام قرابة ثلاثة قرون من الزمان.

وليست محاولة الرجوع للتعرف على هذه النشأة رغبة في الإطالة فيما قد يبدو بعيد الأثر عن بحث يتناول الجانب اللغوي عند عالم من العلماء ويصب عنايته الجليّ على هذه الناحية، ولكنها في حقيقة الأمر وقفة على حقيقة معينة كانت ذات أثر بالغ في هذا العصر كله، ولا يمكن لمن يتصدى لدراسة أي ناحية فيه أن يغفل هذه الحقيقة.

تلك الحقيقة التي نريد التنبيه إليها هي سقوط بغداد على أيدي التتار الذين اجتاح غزوهم العالم الاسلامي في القرن السابع الهجري، ولقد اتخذت الغزوات المغولية طابعا وحشيا عنيفا يدمر كل ما يجد من حضارات، ويهدم ما يلقى من بناء.

<<  <   >  >>