للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في عنقه من ذهب وقيدا من ذهب في رجليه، وفوض إليه الأمور في البلاد الاسلامية، وما سيفتحه من بلاد الكفر وسماه بقسيم أمير المؤمنين» «١»، وظل هذا التقليد ساريا منذ تولي الظاهر بيبرس وحتى آخر سلاطين المماليك وهو السلطان الغوري. «٢»

وهكذا استقرت الخلافة الاسلامية بالقاهرة بالاضافة إلى ما تمتعت به البلاد من قوة سياسية وعسكرية وكان ذلك يعني ما أشرنا إليه من ازدهارها واتجاه المسلمين إليها وهو ما أدركه المؤرخون السابقون المعاصرون لهذه الأحداث الذين ذكروا «أن مصر حين صارت دار الخلافة عظم أمرها وكثرت شعائر الاسلام فيها، وعلت فيها السنة، وعفت منها البدعة وصارت محل سكن العلماء، ومحط رحال الفضلاء» «٣».

وإذ كنا قد أوضحنا جانب الخلافة وبداية هذه الدولة فلا يضيرنا هنا أن نشير إلى سلاطينها وخلفائها وأن نتناول توضيح المعالم السياسية لهذه الدولة لا سيما في آخر

عهدها لنخص بالحديث الفترة التي عاصرها السيوطي.

وقد تميز هذا العصر بصفة عامة بالعصبيات بين طوائف المماليك المختلفة والتناحر من أجل الوصول إلى السلطة، وأهم هذه العصبيات ما كان بين طوائف المماليك الترك وطائفة المماليك الجراكسة وما لقيه الأخيرون من اضطهاد في أيام حكم أبناء قلاوون «٤». على أن هذا الاضطراب الداخلي قد استمر أيضا بعد تولي برقوق أول المماليك الجراكسة، فقد كان الوصول إلى العرش يتم دائما عن طريق العصبيات وازدياد النفوذ بين أمراء المماليك، ولذلك فإن الفتن السياسية الداخلية لم تنقطع خلال هذه المرحلة «٥»، فالأمير القوي الذي يستطيع


(١) السيوطي: حسن المحاضرة ج ٢ ص ٥٨.
(٢) السيوطي: المصدر السابق ج ٢ ص ٨٧.
(٣) المصدر السابق: ج ٢ ص ٨٦.
(٤) سعيد عاشور: العصر المماليكى ص ١٣٧ - ١٤٥.
(٥) عبد الوهاب حمودة: صفحات من تاريخ مصر في عصر السيوطي ص ٣ - ٤.

<<  <   >  >>