للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يسأل " (١) حديث حسن وأخرج أيضاًً أبو داود وغيره بإسناد حسن: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في لحده قال: " بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله ".

فليس في هذه الأحاديث أنه قرأ سورة لا هو ولا أحد أصحابه على القبر كما يفعل ذلك القراء الآن.

وكذا رواية مسلم عن أبي هريرة قال زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال: " استأذنت ربي في أن استغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت -وفي رواية- فإن فيها عبرة، فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة " (٢).

فظهر أن المعروف عنه صلى الله عليه وسلم إنما هو الاستغفار لا تلاوة القرآن. وهذا هو المنقول والمعقول أما تلاوة القرآن التي هي أحكام الدين وآدابه وحلاله وحرامه، فلا يمكن أن يفيد الميت شيئاًً قط. والقرآن والسنة الثابتة معنا على ذلك.

وأخرج أحمد ومسلم والنسائي أن بريدة الأسلمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، إنا إن شاء الله بكم لاحقون أنتم فرطنا (٣) ونحن لكم تبع، ونسأل الله لنا ولكم العافية " (٤) وليس في هذا الحديث أيضاًً سوى التسليم على أهل المقابر وطلب العافية لهم من الله، وليس فيه ما يشم منه رائحة إباحة تلاوة القرآن للأموات.

وأخرج مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله


(١) صحيح الجامع/٩٥٦.
(٢) أحمد ٢/ ٤٤١.
(٣) فرطنا أي سبقتمونا.
(٤) صحيح الجامع/٣٥٩٢ بطولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>