للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول في قوم سخط عليهم: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ} (١).

أفما في هذا القول، دليل على أن الوجوه الناضرة، التي هي إلى ربها ناظرة، هي التي لا تحجب إذا حجبت هذه الوجوه؟ فإن قالوا لنا: كيف ذلك النظر والمنظور إليه؟

قلنا: نحن لا ننتهي في صفاته -جل جلاله- إلا إلى حيث انتهى إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ندفع ما صح عنه، لأنه لا يقوم في أوهامنا، ولا يستقيم على نظرنا، بل نؤمن بذلك من غير أن نقول فيه بكيفية أو حد، أو أن نقيس على ما جاء، ما لم يأت- ونرجو أن يكون في ذلك من القول والعقد، سبيل النجاة، والتخلص من الأهواء كلها غدا، إن شاء الله تعالى. (٢)

- قال أبو محمد: قالوا رويتم أن قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله عز وجل (٣). فإن كنتم أردتم بالأصابع ههنا، النعم، وكان الحديث صحيحا، فهو مذهب. وإن كنتم أردتم الأصابع بعينها، فإن ذلك يستحيل لأن الله تعالى لا يوصف بالأعضاء، ولا يشبه بالمخلوقين. وذهبوا في تأويل الأصابع إلى أنه النعم لقول العرب: "ما أحسن إصبع فلان على ماله" يريدون أثره، وقال الراعي في وصف إبله:


(١) المطففين الآيتان (١٥و١٦).
(٢) تأويل مختلف الحديث (٢٠٤ - ٢٠٨).
(٣) انظر تخريجه في مواقف سفيان بن عيينة سنة (١٩٨هـ) والشافعي سنة (٢٠٤هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>