للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعيف العصا بادي العروق ترى له ... عليها إذا ما أمحل الناس أصبعا

أي: ترى له عليها أثرا حسنا.

قال أبو محمد: ونحن نقول: إن هذا الحديث صحيح، وإن الذي ذهبوا إليه في تأويل الإصبع لا يشبه الحديث، لأنه عليه السلام قال في دعائه: "يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك" فقالت له إحدى أزواجه: "أو تخاف -يا رسول الله- على نفسك؟ " فقال: "إن قلب المؤمن، بين أصبعين من أصابع الله عز وجل" (١). فإن كان القلب عندهم بين نعمتين من نعم الله تعالى، فهو محفوظ بتينك النعمتين، فلأي شيء دعا بالتثبيت، ولم احتج على المرأة التي قالت له: "أتخاف على نفسك" بما يؤكد قولها، وكان ينبغي أن لا يخاف إذا كان القلب محروسا بنعمتين. فإن قال لنا: ما الإصبع عندك ههنا؟ قلنا، هو مثل قوله في الحديث الآخر يحمل الأرض على أصبع (٢)، وكذا على أصبعين. ولا يجوز أن تكون الإصبع -ههنا- نعمة. وكقوله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} (٣) ولم يجز ذلك. ولا نقول أصبع كأصابعنا، ولا يد كأيدينا، ولا قبضة كقبضاتنا، لأن كل شيء منه -عز وجل- لا يشبه شيئا منا. (٤)


(١) انظر تخريجه في مواقف سفيان بن عيينة سنة (١٩٨هـ) والشافعي سنة (٢٠٤هـ).
(٢) انظر تخريجه في مواقف وكيع بن الجراح سنة (١٩٦هـ).
(٣) الزمر الآية (٦٧).
(٤) تأويل مختلف الحديث (٢٠٨ - ٢١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>