للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له: {لَنْ تَرَانِي} يعني في الدنيا {وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} (١).

أعلمه أن الجبل لا يقوم لتجليه حتى يصير دكا، وأن الجبال إذا ضعفت عن احتمال ذلك، فابن آدم أحرى أن يكون أضعف إلى أن يعطيه الله تعالى يوم القيامة ما يقوى به على النظر، ويكشف عن بصره الغطاء الذي كان في الدنيا.

والتجلي: هو الظهور، ومنه يقال: "جلوت العروس" إذا أبرزتها و"جلوت المرآة والسيف" إذا أظهرتهما من الصدأ.

وأما قولهم: إن الرؤية في قوله: (ترون ربكم يوم القيامة)، بمعنى العلم كما قال تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ على كُلِّ شَيْءٍ قديرٍ} (٢). يريد "ألم تعلم" فإنه يستحيل، لأنا نعلمه في الدنيا أيضا - فأي فائدة في هذا الخبر إذا كان الأمر في يوم القيامة، وفي الدنيا واحدا.

وقرأت في الإنجيل أن المسيح عليه السلام حين فتح فاه بالوحي قال: "طوبى للذين يرحمون، فعليهم تكون الرحمة، طوبى للمخلصة قلوبهم، فإنهم الذين يرون الله تبارك وتعالى" والله تبارك وتعالى يقول: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} (٣).


(١) الأعراف الآية (١٤٣).
(٢) البقرة الآية (١٠٦) وفي الأصل: "ألم تر" والصواب ما أثبتناه.
(٣) القيامة الآيتان (٢٢و٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>