[شرح حديث عائشة: (كان لا يتوضأ بعد الغسل)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في الوضوء بعد الغسل.
حدثنا إسماعيل بن موسى حدثنا شريك عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتوضأ بعد الغسل).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
قال أبو عيسى: وهذا قول غير واحد من أهل العلم -أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين- ألا يتوضأ بعد الغسل].
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ قبل الغسل، وكان عليه الصلاة والسلام إذا أراد الاغتسال غسل كفيه ثلاثاً واستنجى، ثم توضأ وضوءه للصلاة، وفي حديث عائشة أنه غسل وجهه ويديه وغسل رجليه، وأكمل الوضوء، وفي حديث ميمونة أنه أخر رجليه، فغسل الرجلين في آخر الغسل، فكان عليه الصلاة والسلام يتوضأ قبل الغسل ولا يتوضأ بعد الغسل، وهذا هو الغسل الكامل.
والغسل المجزئ أن ينوي رفع الحدثين بعد أن يستنجي، ويدخل الأصغر في الأكبر عند كثير من العلماء، وبعض العلماء يرى أنه لا بد من الوضوء.
والحديث فيه شريك، وعنعنة ابن إسحاق وإن كان ظاهره السلامة فـ شريك بن عبد الله النخعي القاضي ضعيف؛ لأنه ساء حفظه لما تولى القضاء.
قال في النيل: قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
قلت: ليس في النسخ الموجودة عندنا قول الترمذي، وقال القاضي الشوكاني: قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: تختلف نسخ الترمذي في تصحيح حديث عائشة، وأخرجه البيهقي بأسانيد جيدة.
قلت: كيف يكون حديث الباب صحيحاً وفي إسناده شريك بن عبد الله النخعي، وهو وإن كان صدوقاً لكنه يخطئ كثيراً، وتغير حفظه منذ ولي قضاء الكوفة؟ قلت: قال أحمد: هو في أبي إسحاق أثبت من زهير، وقد روي حديث الباب عن أبي إسحاق، ثم لم ينفرد هو في روايته، بل تابعه زهير في رواية أبي داود، وأخرجه البيهقي بأسانيد صحيحة كما عرفت.
ولعل النسخة التي فيها (حسن صحيح) لكون الترمذي لاحظ الطريق الأخرى، فلذلك قال: حسن صحيح.
وتختلف نسخ الترمذي، فبعضها كأن فيه (حسن صحيح)، وبعضها (حسن).
وهذا يحمل على أن الترمذي رحمه الله أراد الطرق الأخرى؛ لأن زهيراً تابع شريكاً، وكذلك البيهقي رواه بأسانيد أخرى، فلاحظ الطريق الثاني للحديث، فلهذا حكم عليه بأنه حسن صحيح.
وأبو إسحاق تدليسه قليل، وهو ثقة.