للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمثير أننا عندما نحاول الاقتراب منه فلا يكون إلا من خلال الفروق العقائدية حيث تنتشر أشرطة وكتب تنفي الصلب والتأكيد على أن الله رفعه إليه، وهذه حدود عقائدية لا مجال للتلاعب فيها أو التنازل عنها، أو حتى المحاباة بادعاء أي تقريب. لكن أن نختصر الشأن القرآني في هذه المعاني وننسى أن نقد القرآن لعقائد أهل الكتاب لم ينسحب على الحياة الاجتماعية (أن تبروهم) .. والعلاقات الإنسانية (أليست نفسا) .. بل تساكنوا في حياة تعاقدية أثراها التعدد وحفظها التوحد (ولا يزالون مختلفين) ولذلك خلقهم، وتجسد ذلك في دستور المدينة بين المسلمين واليهود ولولا افسادات اليهود لرأينا تجربة تعددية نادرة وفريدة.

أما الملف الحضاري فيتعلق بعلاقة حوار الديانات بحوار الحضارات الذي هو من الشعارات الأساسية المطروحة اليوم. فمع أن الحضارة الغربية ليست كما هو معروف حضارة يهودية - مسيحية، إلا أنه لا يمكن إنكار أهمية هذا العامل الديني في تشكلها التاريخي - فهي الحضارة التي ورثت الإمبراطوريات المسيحية الوسيطة، وإستوعبت التراث الديني اليهودي والمسيحي في مفاهيمها وقيمها الحضارية والسلوكية. فالمشكل المطروح اليوم هو هل يشترك المسلمون مع اليهود والمسيحيين في القيم والمفاهيم المؤسسة للحضارة الحديثة؟ لقد طرح هذا السؤال بحدة وقوة بعد أحداث ١١ سبتمبر ٢٠٠١. ومن أبرز تجلياته الرسالة التي بعثها ستون مثقفا أمريكيا من المحافظين المتدينين إلى مثقفي العالم الإسلامي يطالبنوهم فيها بالإندماج في الثقافة العالمية الحديثة بالإنطلاق من خمسة مبادئ، لا يرون أن الإسلام يقرها وهي:

١ - إن البشر يولدون متساوين في الكرامة كما في الحقوق.

٢ - الشخصية الإنسانية هي العنصر الأساسي في المجتمع، وتكمن شرعية دور الحكم في حماية هذه الشخصية، والمساعدة في تأمين فرص التفتح الإنساني لها.

٣ - يرغب البشر بطبيعتهم في البحث عن غاية الحياة و مقاصدها.

٤ - حرية الضمير والحرية الدينية من الحقوق التي لا يمكن إنتهاكها في الشخصية الإنسانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>