للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - القتل بإسم الله مخالف للإيمان بالله وهو يشكل خيانة عظمى لكونية الإيمان الديني (١).

وبطبيعة الأمر، ليس للمسلمين إعتراض على هذه المبادئ الخمسة التي أصّلها الإسلام وشدد عليها منذ أربعة عشر قرنا بتكريسه تكريم الإنسان، وتحريم قتل النفس بغير حق، ورفضه الإكراه في الدين، ومطالبته بالعدل بين الناس .. ومع ذلك، فلا بد للمسلمين من بذل جهد علمي وفكري واسع لتفسير وشرح منطلقاتهم الحضارية، وتنقية دينهم من شوائب التطرف والتشدد التي ليست منه وإنما هي من دس وتشويه مجموعات وحركات الغلو والتنطع.

ولا بد في هذا السياق من التنبيه إلى الأصول الشرقية للديانات السماوية التي نزلت في نفس الأرضية الحضارية والتي أنزل فيها الإسلام، فلا عبرة إذن بالتمييز بين قيم حضارية شرقية وغربية متناوئة، بل يتعين البحث عن جذورهما المشتركة وأنماط التأثر والتأثير الواسعة بينهما ضمن التراث الإنساني الشامل.

فرسالة النبي إبراهيم عليه السلام، ظهرت في بلاد الرافدين وإنتقلت عبر ذريته بين مصر والجزيرة العربية وفلسطين. وكانت لغة السيد المسيح هي الآرامية القريبة من العربية .. وكما إستوعبت الحضارة العربية- الإسلامية التراث اليوناني - الروماني ونقلته إلى الغرب الحديث بعد تطويره فكانت صلة الوصل الضرورية بين هذا التراث والنهضة الأوروبية، فإن الحضارة الإسلامية لا تجد اليوم غضاضة في هضم قيم ومعارف الحضارة الغربية الحديثة التي هي في الحقيقة أول حضارة كونية بالمعنى الصحيح للعبارة لأنها حصيلة إمتزاج مختلف الثقافات والديانات وفي مقدمتها حضارتنا وديننا.

أما الملف الإستراتيجي، فيتعلق بالتصور الشائع في بعض الأوساط الغربية بكون الإسلام هو العدو الإستراتيجي الجديد الذي خلف الخطر الشيوعي، بالإستناد لما نلمسه اليوم من تنامي أنشطة الإرهاب و العنف التي تستهدف البلدان الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ويبين المفكر والكاتب البريطاني فريد


(١) مجلة الإجتهاد العدد ٥٤ - ربيع ٢٠٠٢ ص ٢٠١ - ٢١٣ - http://www.mansourdialogue.org/Arabic/lecs%٢٠ (٤٢) .htm

<<  <  ج: ص:  >  >>