للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{تنبيه}: يجب التنبيه أن التغيير للمنكر باليد لا يصلح لكل أحد وفي كل منكر، لأن ذلك يجر من المفاسد والإضرار الشئ الكثير، وإنما يكون ذلك لولي الأمر أو من ينيبه، مثل رجال الهيئات والحسبة، الذين نصبهم ولي الأمر للقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكالرجل في بيته يغير على أولاده، وعلى زوجته وعلى خدمه، فهؤلاء يغيرون بأيديهم بالطريقة الحكيمة المشروعة (١).

ضوابط تغيير المنكر باليد:

(١) أن لا يحل بسبب تغيير المنكر باليد منكراً أعظم وأكبر منه، أو تفويت معروف أعظم منه، والقاعدة الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ولهذا فيل ليكن أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

(وليس لأحد أن يزيل المنكر بما هو أنكر منه، مثل أن يقوم واحد من الناس يريد أن يقطع يد السارق ويجلد الشارب، ويقيم الحدود، لأنه لو فعل ذلك لأفضى إلى الهرج والفساد، لأن كل واحد يضرب غيره ويدعي أنه استحق ذلك، فهذا ينبغي أن يقتصر فيه على ولي الأمر) (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مجموع الفتاوى:

إذا تزاحمت المصالح والمفاسد، فإن الأمر والنهي وإن كان متضمناً لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة، فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأموراً به، بل يكون محرماً إذا كانت مفسدته أكثر، لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة فمتى قدر الإنسان على إتباع النصوص لم يعدل عنها وإلا اجتهد رأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقل أن تعوز النصوص من يكون خبيراً بها وبدلالتها على الأحكام.

وعلى هذا إذا كان الشخص والطائفة جامعين بين معروف ومنكر بحيث لا يفرقون بينهما، بل إما أن ينهوا عن منكر، بل ينظر فإن كان المعروف أكثر أمر به، وإن استلزم ما هو دونه من منكر، ولم ينه عن منكر يستلزم تفويت معروف أعظم منه، بل يكون النهي حينئذ من باب الصد عن سبيل الله، والسعي في زوال طاعته، وطاعة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزوال فعل الحسنات.

وإن كان المنكر أغلب نهى عنه وإن استلزم فوات ما هو دونه من المنكر ويكون الأمر بذلك المعروف المستلزم للمنكر الزائد عليه أمراً بمنكر وسعياً في معصية الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.


(١) انظر مراجعات في فقه الواقع السياسي والفكري على ضوء الكتاب والسنة، ص ٢٩، ٥٣.
(٢) مختصر الفتاوى المصرية، ص٥٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>