للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٥) استحباب بذل النصيحة وهي من تمام الأخوة:

النصيحة مطلبٌ شرعي مُرغبٌ فيه من لدن الشارع، وهي من الأمور التي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يبايع عليها أصحابه، والنصيحة من أفضل القربات وأجل الطاعات، ولا سيما إن كانت النصائح الأخوية صادرةٌ عن إخلاص وحسن طوية ليس فيها مجالاً للحقد والحسد أو اتِّباع الهوى، فإنها إن خلت من ذلك وجدت للسامع في سمعه مسمعاً وفي قلبه موقعا، وعليه أن يتقبلها بقبولٍ حسن عسى الله أن ينفعه بها ويوفقه إلى تطبيقها.

قال تعالى (وَالْعَصْرِ إِنّ الإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ إِلاّ الّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصّبْرِ) [العصر: من ١: ٣]

[*] قال الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره:

فاستثنى من جنس الإنسان عن الخسران الذين آمنوا بقلوبهم وعملوا الصالحات بجوارحهم " وتواصوا بالحق " وهو أداء الطاعات وترك المحرمات.

والسنة الصحيحة طافحة بالحث على النصيحة بين المؤمنين

(حديث تميم ابن أوس الداريِّ الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: الدين النصيحة قالوا: لمن يا رسول اللّه قال: للّه وكتابه ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم.

(حديث تميم ابن أوس الداريِّ الثابت في صحيح مسلم) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ قُلْنَا لِمَنْ؟ قَالَ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ.

قوله: (الدين النصيحة) أي: أن النصيحة أفضل الدين وأكمله (١). وقال ابن الجوزي: اعلم أن النصيحة لله عز وجل المناضلة عن دينه والمدافعة عن الإشراك به وإن كان غنياً عن ذلك، ولكن نفعه عائد على العبد، وكذلك النصح لكتابه الذب عنه والمحافظة على تلاوته، والنصيحة لرسوله إقامة سنته والدعاء إلى دعوته، والنصيحة لأئمة المسلمين طاعتهم، والجهاد معهم، والمحافظة على بيعتهم، وإهداء النصائح إليهم دون المدائح التي تغر، والنصيحة لعامة المسلمين إرادة الخير لهم، ويدخل في ذلك تعليمهم وتعريفهم اللازم، وهدايتهم إلى الحق (٢).


(١). كشف المشكل من حديث الصحيحين. لابن الجوزي (٤/ ٢١٩)
(٢). كشف المشكل من حديث الصحيحين. لابن الجوزي (٤/ ٢١٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>