للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة) أنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ أَلْهَبَ فِيهِ نَارًا.

قال ابن الأثير: الشهرة ظهور الشيء والمراد أن ثوبه يشتهر بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم فيرفع الناس إليه أبصارهم ويختال عليهم بالعجب والتكبر ... [و] قال ابن رسلان: لأنه لبس الشهرة في الدنيا ليعز به ويفتخر على غيره ويلبسه الله يوم القيامة ثوباً يشتهر مذلته واحتقاره بينهم عقوبة له، والعقوبة من جنس العمل ... وقوله: (ثوب مذلة) أي ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة، والمراد به ثوب يوجب ذلته يوم القيامة كما لبس في الدنيا ثوباً يتعزز به على الناس ويترفع عليهم، قاله في عون المعبود (١).

(من لبس ثوب شهرة) الشهرة ظهور الشيء في شنعة بحيث يشتهر به

(ألبسه اللّه يوم القيامة ثوب مذلة) ثوب مذلة أي يشمله بالذل كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع الأعظم بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب لأنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على غيره.

(ثم يلهب فيه النار) عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس العمل فأذله اللّه كما عاقب من أطال ثوبه خيلاء بأن خسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.

{تنبيه}: ثوب الشهر ليس مختصاً بنفيس الثياب، بل كل ثوب ـ ولو كان حقيراً ـ ولكنه يؤدي إلى الشهرة، وكان غرض اللابس اشتهار ذلك بين الناس فهو ثوب شهرة، كمن يلبس رديء الثياب وحقيرها ليعتقد الناس فيه الزهد والورع وما أشبه ذلك. قال ابن تيمية: وتكره الشهرة من الثياب، وهو المترفع الخارج عن العادة، والمنخفض الخارج عن العادة؛ فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين، المترفع والمتخفض، وفي الحديث: (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة). وخيار الأمور أوساطها (٢).

(١٥) تحريم ارتداء الملابس التي عليها صلبان أو تصاوير:

والمقصود بالصلبان ما فيها صورة الصليب، والمقصود بالصور التي فيها الروح. ولقد أنكر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عائشة -أم المؤمنين -رضي الله عنها- عندما اتخذت له وسادة فيها صورة من ذوات الأرواح.


(١). بشرح سنن أبي داود. المجلد السادس (١١/ ٥٠ - ٥١) بتصرف يسير.
(٢). الفتاوى (٢٢/ ١٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>