وتدبر في (حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين) أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها، أمسكها، وإن أطلقها، ذهبت.
[*] قال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله:
“وفي هذا الحديث دليل على أن من لم يتعاهد علمه، ذهب عنه أي من كان، لأن علمهم كان ذلك الوقت القرآن لا غير، وإذا كان القرآن الميسر للذكر يذهب إن لم يتعاهد، فما ظنك بغيره من العلوم المعهودة؟!
وخير العلوم ما ضبط أصله، واستذكر فرعه، وقاد إلى الله تعالى، ودل على ما يرضاه” أ هـ.
[*] وقال بعضهم: كل عز لم يؤكد بعلم، فإلى ذلك مصيره أ هـ.
٧) التفقه بتخريج الفروع على الأصول:
من وراء الفقه: التفقه، ومعتمله هو الذي يعلق الأحكام بمداركها الشرعية.
وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد. (في (حديث زيدٍ بن ثابت الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال نضَّر الله امرءا سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه و رب حامل فقه ليس بفقيه.
[*] قال ابن خير رحمه الله تعالى في فقه الحديث:
“وفيه بيان أن الفقه هو الاستنباط والاستدراك في معاني الكلام من طريق التفهم وفي ضمنه بيان وجوب التفقه، والبحث على معاني الحديث واستخراج المكنون من سره” أ هـ.
وللشيخين، شيخ الإسلام ابن تيمية وتليمذه ابن قيم الجوزية رحمهما الله تعالى، في ذلك القدح المعلى، ومن نظر في كتب هذين الإمامين، سلك به النظر فيها إلى التفقه طريقاً مستقيماً.
[*] ومن مليح كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى قوله في مجلس للتفقه:
“أما بعد، فقد كنا في مجلس التفقه في الدين والنظر في مدارك الأحكام المشروعة، تصويراً، وتقريراً وتأصيلا، وتفصيلاً، فوقع الكلام في ... . فأقول لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا مبنى على أصل وفصلين ... ”