للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا علمت الكلمة المنسوبة إلى الخليفة الراشد علي بن أبى طالب رضي الله تعالى عنه: ”قيمة كل امرئ ما يحسنه” وقد قيل: ليس كلمة أحض على طلب العلم منها، فاحذر غلط القائل: ما ترك الأول للآخر وصوابه: كم ترك الأول للآخر!

فعليك بالاستكثار من ميراث النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وابذل الوسع في الطلب والتحصيل والتدقيق، ومهما بلغت في العلم، فتذكر:”كم ترك الأول للآخر”!

[*] وفي ترجمة أحمد بن عبد الجليل من ”تاريخ بغداد” للخطيب ذكر من قصيدة له:

لا يكون السري مثل الدني ... لا ولا ذو الذكاء مثل الغبي

قيمة المرء كلما أحسن المر ... ء قضاء من الإمام علي

٣) الرحلة للطلب:

فمن لم يرحل في طلب العلم، للبحث عن الشيوخ، والسياحة في الأخذ عنهم، فيبعد تأهله ليرحل إليه، لأن هؤلاء العلماء الذين مضى وقت في تعلمهم، وتعليمهم، والتلقي عنهم: لديهم من التحريرات، والضبط، والنكات العلمية، والتجارب، ما يعز الوقوف عليه أو على نظائره في بطون الأفار.

واحذر القعود عن هذا على مسلك المتصوفة البطالين، الذين يفضلون ”علم الخرق” على ”علم الورق”.

وقد قيل لبعضهم: ألا ترحل حتى تسمع من عبد الرزاق؟ فقال ما يصنع بالسماع من عبد الرزاق من يسمع من الخلاق؟!

وقال آخر:

إذا خاطبوني بعلم الورق ... برزت عليهم بعلم الخرق

فاحذر هؤلاء، فإنهم لا للإسلام نصروا، ولا للكفر كسروا، بل فيهم من كان بأساً وبلاء على الإسلام.

٤) حفظ العلم كتابة:

ابذل الجهد في حفظ العلم (حفظ كتاب)، لأن تقييد العلم بالكتابة أمان من الضياع، وقصر لمسافة البحث عند الاحتياج، لا سيما في مسائل العلم التي تكون في غير مظانها، ومن أجل فوائده أنه عند كبر السن وضعف القوى يكون لديك مادة تستجر منها مادة تكتب فيها بلا عناء في البحث والتقصي. وكتابة العلم من سنة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح أبي داود) قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أريد حفظة فنهتني قريش وقالوا أتكتب كل شيء تسمعه ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشر يتكلم في الغضب والرضا فأمسكت عن الكتاب فذكرت ذلك لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأومأ بأصبعه إلى فيه فقال أكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق.

<<  <  ج: ص:  >  >>