للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنه يشغل القلب، وينسيه مصالحه، ويحول بينه وبينها، فينفرط عليه أمره، ويقع في اتباع الهوى والغفلة.

قال الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: من الآية: ٢٨)

(وإطلاق البصر يوجب هذه الأمور الثلاثة:

وقال أطباء القلوب: بين العين والقلب منفذ وطريق، فإذا خربت العين وفسدت خرب القلب وفسد وصار كالمزبلة التى هى محل النجاسات والقاذورات والأوساخ، فلا يصلح لسكن معرفة الله ومحبته، والإنابة إليه، والأنس به، والسرور بقربه، وإنما يسكن فيه أضداد ذلك.

وإطلاق البصر معصية لله عز وجل لقوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (النور: الآية: ٣٠)

وما سعد من سعد فى الدنيا إلا بامتثال أمر الله، ولا نجاة للعبد فى الآخرة إلا بامتثال أوامر الله عز وجلَ.

وإطلاق البصر كذلك يُلبس القلب ظلمة، كما أن غضّ البصر لله عزّ وجلَ يُلبسه نوراً.

وقد ذكر الله عزّ وجل آية النور: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فيهَا مِصبَاحٌ} (النور: من الآية: ٣٥)، بعد قوله عز وجل: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ..... } (النور: من الآية: ٣٠)

وإذا استنار القلب، أقبلت وفود الخيرات إليه من كل ناحية، كما أنه إذا أظلم، أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان.

وإطلاق البصر كذلك يعمى القلب عن التمييز بين الحق والباطل، والسنة والبدعة، وغضهُ لله عزّ وجل يورثه فراسة صادقة يميز بها.

[*] قال أحد الصالحين: " من عمّر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكفّ نفسه عن الشبهات، واغتذى بالحلال لم تخطيء له فراسة ".

والجزاء من جنس العمل، فمن غضّ بصره عن محارم الله أطلق الله نور بصيرته.

(ثالثاً: فضول الطعام:

قلة الطعام توجب رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الطعام توجد ضد ذلك.

وتأمل في الأحاديث الآتية بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيها واجعل لها من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيها من غرر الفوائد، ودرر الفرائد. (

<<  <  ج: ص:  >  >>