وما دري هذا المسكين أننا لا نزال نقرأ في القرآن:(تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ)(١) وقد نزلت في عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبي لهب، ونحن نتبرأ منه ونبغضه. ونحن لا نزال نثني على بلال الحبشي وصهيب الرومي، وسلمان الفارسي، ونترضى عنهم، ونسأل الله أن نحشر في زمرتهم.
ولا يفهم من هذا الكلام أننا لا نحب الوطن، كلا، فهو أمر جبلي مركوز في النفس، لكن حب الوطن لا بد أن يكون خاضعا لحب الله ورسوله. وهل هاجر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وطنه وأفضل بقاع الأرض (مكة) إلا لما كان في ذلك مرضاة لله ورسوله، وهكذا المهاجرون وغيرهم.
٢ - التحزب من بعض المسلمين ضد بعض:
فنجد بعض الدعاة يتحزبون ضد بعض، وبعض طلبة العلم يتحزبون ضد بعض، فيحب هذا أكثر من هذا لأن الأول من حزبه، ولو كان الثاني أتقى منه وأفضل. وهذا خطأ كبير، وهذا يحب ذاك لأنه يتبع شيخه أو إمامه، ويعادي الآخر لأنه يتبع إماما أو شيخا آخر.
فالواجب موالاة المسلمين لإيمانهم، ومعاداة الكفار لكفرهم، ولا يجوز التحزب لغير الحق، فإنه يورث الأمة التفرق والتشتت (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[سورة آل عمران، الآية: ١٠٥] وهناك فرق كبير بين التحزب وبين التنافس في الخير فالتنافس مطلوب ومحمود (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ)[سورة آل عمران، الآية: ١٣٣](سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ)[سورة الحديد، الآية: ٢١] أما التحزب فمذموم، وكم أودى بأمم وجماعات وأفراد. حتى صار حال بعضهم كما قال الشاعر:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت: وإن ترشد غزية أرشد
وعلاج التحزب بالتجرد لله -جل وعلا-، والسلامة من الهوى والتحري في المنهج، وأن نعرف الرجال بالحق، لا الحق، بقول الرجال.
وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.
((حديث جابر الثابت في صحيح مسلم) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: إن الشيطان أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب وركن في التحريش بينهم.
معنى أيس: أي يأس.
(علاج أمراض القلوب:
(علاج أمراض القلوب:
إن أساس صحة القلب وسلامته في إيمانه بالله ويتفرع عنه ما يأتي: