للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلننتبه إلى هذا المرض، ولنستشعر قوله -تعالى-: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) [سورة المائدة، الآية: ٣].

وأخيرا فلنتأمل قوله -تعالى-: (وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [سورة يوسف، الآية: ٨٧].

(٩) الهوى ومحبة غير الله:

فإنه آفة الآفات، والسم الزعاف لهذا القلب، يوم أن تكون محبة الشخص لغير الله، وموالاته ومعاداته في سبيل دنياه، وأهوائه، وأطماعه الشخصية. وهذا لا شك موصل صاحبه إلى الهلاك والبوار وتأمل معي في هذه الآيات: (١) (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى) [سورة النجم، الآية: ٢٣] (كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ) [سورة الأنعام، الآية: ٧١] (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً) [سورة القصص، الآية: ٥٠] (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ) [سورة الجاثية الآية: ٢٣] (أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ) [سورة محمد، الآية: ١٦] (وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [سورة الأنعام، الآية: ١١٩] والهوى مرض من أمراض القلب سواء أكان الهوى بمعناه العام أو الخاص.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في بيان كون الحب يعمي ويصم: " .. ولذلك قال الشاعر:

عدو لمن عادت, وسلم لأهلها: ومن قربت ليلى أحب وأقربا (٢)

فهذا جعل الولاء والبراء في ليلى، وليس في الله.

وذكر شيخ الإسلام أيضا قصة رجل أحب امرأة سوداء حبا عجيبا، أخذت عليه مجامع قلبه، فيقول هذا الرجل:

أحب لحبها السودان حتى: أحب لحبها سود الكلاب

والواجب أن يكون حبنا وبغضنا، وعطاؤنا ومنعنا، وفعلنا وتركنا لله -سبحانه وتعالى- لا شريك له، ممتثلين قوله، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحديثين الآتيين:


(١) - دلالة هذه الآيات أعم مما ذكر فينتبه لذلك.
(٢) - انظر رسالة أمراض القلوب وشفاؤها لشيخ الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>