و قال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن/١٨]
و قال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [البقرة/١١٤]
فأضاف المساجد إليه؛ لأنها موضع ذكره.
قوله (يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم) يتلونه: يقرءونه و يتدارسونه أي: يدرس بعضهم على بعض.
(إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة): نزلت عليهم السكينة يعني: في قلوبهم و هي الطمأنينة و الاستقرار، و غشيتهم الرحمة: غطتهم و شملتهم.
وحفتهم الملائكة: صارت من حولهم
و ذكرهم الله فيمن عنده أي: من الملائكة.
(وقد تضمن هذا الحديث غرر الفوائد، ودرر الفرائد
(فمن فوائد الحديث: فضيلة اجتماع الناس على قراءة القرآن لقوله - و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله .. الخ.
(ومن فوائد الحديث: أن حصول هذا الثواب لا يكون إلا إذا اجتمعوا في بيت الله أي: في مسجد من المساجد لينالوا بذلك شرف المكان لأن أفضل البقاع مساجدها.
(ومن فوائد الحديث: بيان حصول هذا الأجر العظيم تنزل عليهم السكينة و هي الطمأنينة القلبية و تغشاهم الرحمة أي: تغطيهم و تحفهم الملائكة أي: تحيط بهم من كل جانب و يذكرهم الله فيمن عنده من الملائكة لأنهم يذكرون الله تعالى عن ملأ، و قد قال الله تعالى في الحديث القدسي -من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم-.
٨) وحذر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من خلو أي مجلسٍ من ذكر الله تعالى:
(حديث أبي هريرة في صحيح أبي داوود) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمار و كان لهم حسرة.
(معنى (إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمار): أي مجلس نتن كجيفة حمار لخلوه من ذكر الله تعالى، لأن المجالس لا تعمرُ إلا بذكر الله تعالى.
(معنى (وكان لهم حسرة): أي كان هذا المجلس ندامة لهم يوم القيامة لخلوه من الذكر
٩) ذكر الله تعالى خير أعمالنا وأزكاها عند الله تعالى وأرفعها في درجاتنا وخيرٌ من إنفاق الذهب والفضة.
(حديث أبي الدر داء في صحيحي الترمذي وابن ماجة) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال ألا أنبئكم بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب و الورق و خيرٌ لكم من أن تلقوْا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم؟ قالوا بلى، قال: ذكر الله.