والثاني: هو النطق باللسان، وهو استعمال غالب، فإذا قلت: فلان يواظب على الأذكار، أي يتلفظ بها ومنه قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}(الأحزاب/٤١)
والذكر عندنا هنا يشتمل على المعنيين، فالذكر بمعنى التذكر مقصود به تذكر الله واستحضار عظمته وخشيته، ومراقبته ونعمته حتى يكون القلب له معظماً، ومنه خائفاً وله مراقباً، ولنعمته شاكراً.
وكذلك الذكر اللساني إذ هو ثمرة ذلك، وشاهد عليه، ومترجم عنه، فمن عظّم الله في قلبه سبّح وهلّل وكبّر بلسانه، ومن خافه تضرع ودعا " وسمي القول باللسان ذكراً؛ لأنه دلالة على الذكر القلبي، غير أنه قد كثر اسم الذكر على القول اللساني حتى صار هو السابق إلى الفهم "[المفهم٧/ ٦].
وذكر الله هو أعظم ما فتق عنه لسان وتدبره جنان.
ولا بد من اجتماع اللسان والجنان حتى يؤتي الذكر ثماره ويُحَقِّقُ آثاره.
فقد وصف الله تعالى أولي الألباب بأنهم الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران /١٩١]
فهم جمعوا بين ذكر الله تعالى في كل أحوالهم ودعائه، والتفكر في خلق السماوات والأرض.