للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال جعفر بن محمد: أمر الله نبيه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية وقد ذكر: أنه لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجبريل: ما هذا قال: لا أدري حتى أسأل فسأل ثم رجع إليه فقال: إن الله يأمرك أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك ولا ريب أن للمطاع مع الناس ثلاثة أحوال:

أحدها: أمرهم ونهيهم بما فيه مصلحتهم.

الثاني: أخذه منهم ما يبذلونه مما عليهم من الطاعة.

الثالث: أن الناس معه قسمان: موافق له موال ومعاد له معارض وعليه في كل واحد من هذه واجب فواجبه في أمرهم ونهيهم: أن يأمر بالمعروف وهو المعروف الذي به صلاحهم وصلاح شأنهم وينهاهم عن ضده وواجبه فيما يبذلونه له من الطاعة: أن يأخذ منهم ما سهل عليهم وطوعت له به أنفسهم سماحة واختيارا ولا يحملهم على العنت والمشقة فيفسدهم وواجبه عند جهل الجاهلين عليه: الإعراض عنهم وعدم مقابلتهم بالمثل والانتقام منهم لنفسه فقد قال الله تعالى لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩]

(قال عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس.

(وقال مجاهد: يعني خذ العفو من أخلاق الناس وأعمالهم من غير تخسيس مثل قبول الأعذار والعفو والمساهلة وترك الاستقصاء في البحث والتفتيش عن حقائق بواطنهم.

(وقال ابن عباس رضي الله عنهما: خذ ما عفا لك من أموالهم وهو الفاضل عن العيال وذلك معنى قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [البقرة: ٢١٩] (ثم قال تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} وهو كل معروف وأعرفه: التوحيد ثم حقوق العبودية وحقوق العبيد.

(ثم قال تعالى {وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} يعني إذا سفه عليك الجاهل فلا تقابله بالسفه كقوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً} [الفرقان: ٦٣].

والسنة الصحيحة طافحةٌ بما يبين فضائل حسن الخلق بياناً شافياً، وهاك بعض فضائل حسن الخلق الثابتة في السنة الصحيحة فتأملها بعين البصيرة:

(١) ثقل الميزان والفوز بأعلى الجنان:

((حديث أبي الدر داء الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق، فإن الله يُبْغِضُ الفاحشَ البذيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>