(وأسألك لذة النظر إلى وجهك) أي الفوز بالتجلي الذاتي الأبدي الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه وهو الكمال الحقيقي قيد النظر باللذة لأن النظر إلى اللّه إما نظر هيبة وجلال في عرصات القيامة أو نظر لطف وجمال في الجنة إيذاناً بأن المسؤول هذا
(والشوق إلى لقائك) قال ابن القيم: جمع في هذا الدعاء بين أطيب ما في الدنيا وهو الشوق إلى لقائه وأطيب ما في الآخرة وهو النظر إليه ولما كان كلامه موقوفاً على عدم ما يضر في الدنيا ويفتن في الدين قال
(في غير ضراء مضرة) قال الطيبي: متعلق الظرف مشكل ولعله يتصل بالقرينة الأخيرة وهي الشوق إلى لقائك. سأل شوقاً إليه في الدنيا بحيث يكون في ضراء غير مضرة أي شوقاً لا يؤثر في سلوكي وإن ضرني مضرة ما، قال: إذا قلت أهدى الهجر لي حلل البلا * تقولين لولا الهجر لم يطب الحب وإن قلت كربي دائم قلت إنما * يعد محباً من يدوم له كرب ويجوز اتصاله بقوله أحيني إلى آخره. ومعنى ضراء مضرة: الضر الذي لا يصبر عليه
(ولا فتنة مضلة) أي موقعة [ص ١٤٧] في الحيرة مفضية إلى الهلاك. وقال القونوي: الضراء المضرة حصول الحجاب بعد التجلي والتجلي بصفة تستلزم سدل الحجب والفتنة المضلة كل شبهة توجب الخلل أو تنقص في العلم والشهود
(اللّهم زينا بزينة الإيمان) وهي زينة الباطن ولا معول إلا عليها لأن الزينة زينتين زينة البدن وزينة القلب وهي أعظمها قدراً وإذا حصلت حصلت زينة البدن على أكمل وجه في العقبى ولما كان كمال العبد في كونه عالماً بالحق متبعاً له معلماً لغيره قال
(واجعلنا هداة مهتدين) وصف الهداة بالمهتدين لأن الهادي إذا لم يكن مهتدياً في نفسه لم يصلح كونه هادياً لغيره لأنه يوقع الناس في الضلال من حيث لا يشعر وهذا الحديث أفرد بالشرح.