للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(واجعل ثأرنا على من ظلمنا) أي مقصوراً عليه ولا تجعلنا ممن تعدى في طلب ثأره فأخذ به غير الجاني كما في الجاهلية أو اجعل إدراك ثأرنا على من ظلمنا فندرك به ثأرنا

(وانصرنا على من عادانا) أي ظفرنا عليه وانتقم منه

(ولا تجعل مصيبتنا في دينينا) أي لا تصيبنا بما ينقص ديننا من أكل حرام واعتقاد سوء وفترة في عبادة

(ولا تجعل الدنيا أكبر همنا) فإن ذلك سبب للّهلاك وفي إفهامه أن قليل الهم بما لا بد منه من أمر المعاش مرخص فيه بل مستحب

(ولا مبلغ علمنا) بحيث تكون جميع معلوماتنا الطرق المحصلة للدنيا والعلوم الجالية لها بل ارزقنا علم طريق الآخرة

(ولا تسلط علينا من لا يرحمنا) أي لا تجعلنا مغلوبين للظلمة والكفرة أو لا تجعل الظالمين علينا حاكمين أو من لا يرحمنا من ملائكة العذاب في القبر والنار وغيرهما ذكره كله القاضي. قال الطيبي: فإن قلت بين لي تأليف هذا النظم وأي وجه من الوجوه المذكورة أولى قلت أن تجعل الضمير للتمتع والمعنى اجعل ثأرنا مقصوراً على من ظلمنا ولا تجعلنا ممن تعدى في طلب ثأره وتحمل من لا يرحمنا علي ملائكة العذاب في القبر وفي النار لئلا يلزم التكرار فتقول إنما خص البصر والسمع بالتمتع من الحواس لأن الدلائل الموصلة إلى معرفته تعالى وتوحيده إنما تحصل من طريقهما لأن البراهين إنما تكون مأخوذة من الآيات المنزلة وذلك بطريق السمع أو من الآيات المقصوصة في الآفاق والأنفس وذلك بطريق البصر فسأل التمتع بهما حذراً من الانخراط في سلك الذين ختم اللّه على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولما حصلت المعرفة ترتب عليها العبادة فسأل القوة ليتمكن بها من عبادة ربه ثم إنه أراد أن لا ينقطع هذا الفيض الإلهي عنه لكونه رحمة العالمين فسأل بقاء ذلك ليستن بسنته بعده فقال: واجعل ذلك التمتع وارثاً باقياً منا.

(حديث عمار ابن ياسر في صحيح النسائي) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يدعو بهذا الدعاء اللهم بعلمك الغيب و قدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي و توفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم و أسألك خشيتك في الغيب و الشهادة و أسألك كلمة الحق في الرضا و الغضب وأسألك القصد في الفقر و الغنى و أسألك نعيما لا ينفد و قرة عين لا تنقطع و أسألك الرضا بالقضاء و أسألك برد العيش بعد الموت و أسألك لذة النظر إلى وجهك و الشوق إلى لقاءك في غير ضراء مضرة و لا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان و اجعلنا هداة مهتدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>