للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:

وكانت مجالس النبي صلى الله عليه و سلم مع أصحابه عامتها مجالس تذكير بالله و ترغيب و ترهيب، إما بتلاوة القرآن أو بما آتاه الله من الحكمة و الموعظة الحسنة و تعليم ما ينفع في الدين كما أمره الله تعالى في كتابه أن يذكر و يعظ و يقص، و أن يدعوا إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة، و أن يبشر و ينذر وسماه الله قال تعالى: (يَأَيّهَا النّبِيّ إِنّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشّراً وَنَذِيراً * وَدَاعِياً إِلَى اللّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مّنِيراً) [الأحزاب ٤٥،٤٦] و التبشير و الإنذار هو الترغيب و الترهيب فلذلك كانت تلك المجالس توجب لأصحابها رقة القلوب و الزهد في الدنيا و الرغبة في الآخرة.

فالموعظة سبيل للهدى و الرحمة و الشفاء لما في الصدور كما قال تعالى: (يَأَيّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مّوْعِظَةٌ مّن رّبّكُمْ وَشِفَآءٌ لّمَا فِي الصّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ) [يونس: ٥٧] لأجل ذلك أمر الله تبارك و تعالى بها نبيه عليه الصلاة و السلام فقال تعالى (َعِظْهُمْ وَقُل لّهُمْ فِيَ أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) [النساء:٦٣]

[*] وتأمل في الحديث الآتي بعين البصيرة وأمْعِنِ النظر فيه واجعل له من سمعك مسمعا وفي قلبك موقِعاً عسى الله أن ينفعك بما فيه من غرر الفوائد، ودرر الفرائد.

(حديث العرباض بن سارية في صحيحي أبي داوود والترمذي) قال لعرباض: صلى بنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يارسول الله، كأن هذه موعظة مُوَدِّع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: "" أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

[*] قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:

(ذَرَفَتْ) أَيْ دَمَعَتْ

(وَوَجِلَتْ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ خَافَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>