(٥) أن يكون مولعاً بذكر الله تعالى، لا يفتر لسانه ولا يخلو عنه قلبه، فإن من أحب شيئاً أكثر من ذكره بالضرورة ومن ذكر ما يتعلق به. فيحب عبادته وكلامه وذكره وطاعته وأولياءه. ولقد أمر الله تعالى عباده بذكره في أخوف المواضع قال تعالى:(يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لّعَلّكُمْ تُفْلَحُونَ)[الأنفال: ٤٥]
تحت ظلال السيوف وقعقعات السيوف ولا تشغلكم عن ذكر ربكم. فعلامة المحبة الصادقة ذكر المحبوب عند الرغب والرهب، وحتى العرب في الجاهلية كان المرء يفتخر بالأشعار أنه ذكر محبوبته في الحرب و تحت وقع السلاح. وأهل الإيمان أولى بهذا منهم بحبهم للرحمن وأكثر مما يفعله العاشقون والضلاّل مع محبوبينهم. ومن الذكر الدال على صدق المحبة سبق ذكر المحبوب إلى قلب المحبوب ولسانه عند أول يقظة من منامه وآخر شيء يذكره قبل أن ينام مرة أخرى، وهذه من فوائد أذكار النوم والاستيقاظ.
(٦) المحب الصادق إذا ذكر الله خالياً وجل قلبه وفاضت عيناه من خشية الله قال تعالى: (إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَىَ رَبّهِمْ يَتَوَكّلُونَ)[الأنفال: ٢]
(٧) أن يغار لله فيغضب لمحارمه إذا انتهكها المنتهكون و لحقوقه إذا تهاون بها المتهاونون فهذه هي غيرة المحب حقاً، والدين كله تحت هذه الغيرة فأقوى الناس ديناً وأعظمهم محبة لله أعظمهم غيرة على حرمات الله، ولذلك ينكرون المنكرات ويمنعونها غيرة، لأن محبوبهم لا يرضى بهذا فهم لا يرضون به ولا يرضون بحصوله ويسعون في تغييره.
(٨) محبة كلام الله عز وجل، فإذا أردت أن تعلم ماعندك وعند غيرك من محبة الله فانظر محبة القرآن من قلبك فإن من المعلوم أن من أحب محبوباً كان كلامه وحديثه أحب شيء إليه، فلا شيء عند المحبين أحلى من كلام محبوبهم فهو لذة قلوبهم وغاية مطلوبهم، ومن هنا كان عكوف هؤلاء المحبين لله على كتاب الله، تلاوة وتفسيراً وتدبراً والاستشهاد به في كل موقف. يكثرون من القراءة نظراً وحفظاً. فيكثرون التلاوة ينتج عنها التعلق بكلام المحبوب والإكثار منه.