للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إبراهيم بن أدهم أنه قال ذات يوم: لو أن العباد علموا حب الله عز وجل لقل مطعمهم ومشربهم وملبسهم وحرصهم، وذلك أن ملائكة الله أحبوا الله فاشتغلوا بعبادته عن غيره، حتى أن منهم قائماً وراكعاً وساجداً منذ خلق الله تعالى الدنيا ما التفت إلى من عن يمينه وشماله، اشتغالاً بالله عز وجل وبخدمته.

[*] أخرج الحافظ أبو نعيم ٍ في حلية الأولياء عن إبراهيم بن أدهم في قوله تعالى: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لّنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذُنِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) [فاطر: ٣٢] قال: السابق مضروب بسوط المحبة، مقتول بسيف الشوق، مضطجع على باب الكرامة، والمقتصد مضروب بسوط الندامة، مقتول بسيف الحسرة مضطجع على باب العفو، والظالم لنفسه مضروب بسوط الغفلة، مقتول بسيف الأمل مضطجع على باب العقوبة.

مسألة: كيف نوفّق بين هذا الكلام وبين ما يجده الإنسان من المشاق في القيام لصلاة الفجر وتحمل المكاره التي يرغم نفسه عليها إرغاماً، و يرغم نفسه أحياناً على الطاعات، هل معنى ذلك أن هذا إنسان لا يحب الله؟

الجواب: أن الوصول إلى مرحلة يكون فيها العابد لربه كالماء الذي يجري في المنحدرات؛ هذه لا تتم من أول الأمر ولا يصل إليها العبد من أول العبادة والعمل، بل يصل إليها بعد تدريب ومكابدة ومشقة ومجاهدة، ولذلك فإن اللذة والتنعم بالطاعة تحصل بعد الصبر على التكره والتعب أولاً، فإذا صبر وصدق في صبره وصل إلى مرحلة اللذة التي تكون العبادة بعدها عنده كجريان الماء في منحدره، ولذلك قال بعض السلف: (كابدت نفسي في قيام الليل عشرين سنة، وتلذذت به بقية عمري).ومن عرف هذا عرف الطريق إلى محبة الله كيف يكون أوله وآخره وماذا سيلقى وأعد نفسه لهذا وهذه مسألة في غاية الأهمية.

<<  <  ج: ص:  >  >>