للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم أفسد من أهل للرجل وولده؛ فإن المرأة إذا رأت زوجها عاشقاً لغيرها ربما قادها ذلك إلى اتخاذ معشوق لها؛ فيصير الرجل متردداً بين خراب بيته بالطلاق وبين أن يرضى بالدياثة والخنا في أهله (١).

[*] (يقول ابن حزم رحمه الله تعالى: وكم مصونِ الستر، مسبل القناع، مسدول الغطاء، قد كشف الحبُّ ستره، وأباح حريمه، وأهمل حماه، فصار بعد الصيانة عَلَماً، وبعد السكون مثلاً (٢).

فكل هذه الآفات، وأضعاف أضعافها تنشأ من عشق الصور، وتحمل على الكفر الصريح؛ فقد تضمن العشق أنواع الظلم كلها.

(العشق بَيِّنُ الضرر في الدين والدنيا.

[*] (قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه ذم الهوى:

العشق بَيِّنُ الضرر في الدين والدنيا.

أما في الدين فإن العشق أولا يشغل القلب عن الفكر فيما خلق له من معرفة الإله والخوف منه والقرب إليه ثم بقدر ما ينال من موافقة غرضه المحرم يكون خسران آخرته وتعرضه لعقوبة خالقه فكلما قرب من هواه بعد من مولاه ولا يكاد العشق يقع في الحلال المقدور عليه فإن وقع فيا سرعان زواله قال الحكماء كل مملوك مملول وقال الشاعر.

وزادني شغفا بالحب أن منعت ... وحب شيء إلى الإنسان ما منعا.

فإذا كان المعشوق لا يباح اشتد القلق والطلب له فإن نيل منه غرض فالعذاب الشديد في مقابلته على أن بلوغ الغرض يزيده ألما فتربي مرارة الفراق على لذة الوصال كما قال قائلهم.

كل شيء ربحته في التلاقي ... والتداني خسرته في الفراق وإن منعه خوف الله تعالى عن نيل غرض فالامتناع عذاب شديد فهو معذب في كل حال.

(ضرر العشق في الدنيا:

[*] (قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى في كتابه ذم الهوى:

وأما ضرر العشق في الدنيا فإنه يورث الهم الدائم والفكر اللازم والوسواس والأرق وقلة المطعم وكثرة السهر ثم يتسلط على الجوارح فتنشأ الصفرة في البدن والرعدة في الأطراف واللجلجة في اللسان والنحول في الجسد فالرأي عاطل والقلب غائب عن تدبير مصلحته والدموع هواطل والحسرات تتابع والزفرت تتوالى والأنفاس لا تمتد والأحشاء تضطرم فإذا غشى على القلب إغشاء تاما أخرجت إلى الجنون وما أقربه حينئذ من التلف هذا وكم يجني من جناية على العرض ووهن الجاه بين الخلق وربما أوقع في عقوبات البدن وإقامة الحد وقد أنشدوا.


(١) الجواب الكافي بتصرف ص ٥٠٠_٥٠٦.
(٢) طوق الحمامة ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>