فينبغي على كل الناس أن يحاسبوا أنفسهم الذين عندهم علم والذين ليس لديهم علم، فالذي لديه علم يحاسب نفسه هل عمل به؟ وهل هو يقوم به لله؟ وهل يبلغه؟ أم يكتمه؟ وهل هو مقصّر فيه؟ وهل عبد ربه به؟ وهل بذله للناس صحيحاً أم راعة أهواء بعض القوم فسهّل لهم أشياء بزعمه؟، أما صاحب الجهل فيحاسب نفسه، كيف يعبد الله على جهل؟ متى يزيل الجهل؟ كيف يزيله؟ إلى متى يبقى؟ كيف يتعلم؟ وبماذا يبدأ .... وهكذا ..
والنفس تدعو إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا، والرب يدعو العبد إلى خوفه ونهي النفس عن الهوى والقلب بين الداعيين، يميل إلى هذا الداعي مرة وإلى هذا مرة وهذا موضع الابتلاء والمحنة ..
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كلاماً مشهوراً محذراً من الإهمال في محاسبة النفس وأنه يقود إلى الهلاك يوم القيامة: [حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أنفسكم (أعمالكم) قبل أن توزنوا فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم]، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:((من نوقش الحساب عُذِّب))، فكيف يتلافى المرء مناقشة الحساب غداً؟!!، بمحاسبة النفس اليوم.
والحساب اليسير صاحبه ناجٍ وسينقلب إلى أهلها مسروراً، أما حاسبناها حساباً شديداً وعذبناها عذاباً نكراً فهذا الحساب الشديد نتيجة عدم المحاسبة الآن ..
وتزينوا للعرض الأكبر ((يومئذٍِ تعرضون لا تخفى منكم خافية))، فقال الحسن رحمه الله:((لا تلقى المؤمن إلا ويحاسب نفسه، ماذا أردتِ تعملين؟ ماذا أردتِ تشربين؟ ماذا أردتِ تأكلين؟))، وقال قتادة في قوله (وكان أمره فرطاً): [أضاع نفسه وغُبِن]، يحفظ ماله ويضيع دينه!
قال الحسن:«إن العبد لايزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت المحاسبة من همته».
ويوجد واعظ في قلب كل مسلم إذا أراد أن يدخل في باب حرام قال: ويلك لا تفتحه، إنك إن تفتحه تلجه!، لا تزح الستار عن باب الحرام، إنك لو نظرت انجذبت، ويلك لا تفتحه، إنك إن تفتحه تلجه! ..
قال ميمون بن مهران:«النفس كالشّريك الخوّان إن لم تحاسبه؛ ذهب بمالك!».
المحاسبة وقت الرخاء سهلة بالنسبة للمحاسبة في وقت الشدة، فرحم الله عبداً قال لنفسه ألستِ صاحبة كذا وكذا؟! هذا نوع من الحساب على المعاصي، وحساب على النوايا كقولك ماذا أردتِ بالعمل والأكلة والشربة ..
(أهمية محاسبة النفس:
[*] (قال ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه مدارج السالكين: