(حديث عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: أفضل المؤمنين إسلاما من سلم المسلمون من لسانه و يده و أفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا و أفضل المهاجرين من هجر ما نهى الله تعالى عنه وأفضل الجهاد من جاهد نفسه في ذات الله عز و جل.
(فأفضل ألوان الجهاد:
أن تلزم نفسك لتسير على الجادة، كأنما تسير على حد السيف!
ومن هنا ينبغي عليك أن تمارس على نفسك عمليات متتابعة من الضبط والربط، والتوجيه، والإرشاد، فتكون أنت القائد لها فعلاً ..
وبذلك تخرج من أسر قيادتها لك، وتسخيرها إياك فيما تهوى،
ولا تملك أنت إلا مسايرتها.
وَطِّن نفسك على أن تملأ فراغها بما يشغلها بخير، ولا تزل تنقلها من دائرة خير إلى دائرة خير، علت أو قلت، المهم أن تبقيها دائرة في دوائر الطاعة ..
فإن من عجيب أمر هذه النفس:
أنها إذا لم تشغلها (أنت) بالحق، شغلتك (هي) بالباطل ولابد .. !
وإن لم تملأ عليها زواياها بالخير، ملأتها هي بألوان من الشر لا محالة!
ولا تكن في عجلة من أمرك!!
لا تحاول القفز فوق السلم، لتصل إلى القمة بقفزة أو قفزتين،
فقد تنكسر رقبتك! واعلم أن من استعجل الشيء قبل أوانه عُوقب بحرمانه فإن التأني من الله والعجلة من الشيطان بنص السنة الصحيحة كما في الحديث الآتي:
(حديث أنس في صحيح الجامع) أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: التأني من الله والعجلة من الشيطان.
[*] قال الإمام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
(التأني) أي التثبت في الأمور
(من اللّه والعجلة من الشيطان) قال ابن القيم: إنما كانت العجلة من الشيطان لأنها خفة وطيش وحدة في العبد تمنعه من التثبت والوقار والحلم وتوجب وضع الشيء في غير محله وتجلب الشرور وتمنع الخيور وهي متولدة بين خلقين مذمومين التفريط والاستعجال قبل الوقت. قال الحرالي: والعجلة فعل الشيء قبيل وقته [ص ٢٧٨] الأليق به وهذا الحديث من شواهده ما رواه البيهقي أيضاً في سننه عن ابن عباس مرفوعاً إذا تأنيت أصبت أو كدت وإذا استعجلت أخطأت أو كدت تخطئ. أهـ
(وبناءاً على ذلك يجب عليك ابتداءً أن تنوي نية حسنة يعلمها الله صادقة من قلبك ..
ثم أن تُوَطِّنَ نفسك، على مجاهدة نفسك في عمليات الضبط والربط والتوجيه شيئا فشيئا، وخطوة في إثر خطوة، وابدأ بالأهم ثم المهم، وثق أنك إذا خرجت مهاجراً إلى الله بنية صادقة صافية، وشرعت في هذه الرحلة، ثم مت في الطريق،