وَفِي ذَلِكَ اليَوْمِ العَظِيمِ تَكُونُ جَهَنَّمُ مُعَدَّةً وَمُرْصَدَةً لِلطَّاغِينَ، وَخَزَنَتُهَا يَتَرَقَّبُونَ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا بِسُوءِ عَمَلِهِ فِي الدُّنْيَا. وَتَكُونُ النَّارُ مُعَدَّةً وَمُرْصَدَةً لِلطُّغَاةِ العَاتِينَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ، وَتَكُونُ مَرْجِعَهُمْ وَمَصِيرَهُمْ. وَسَيَمْكُثُونَ فِي النَّارِ دُهُوراً مُتَلاَحِقَةً، يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضاً. وَلاَ يَذُوِقُ المُجْرِمُونَ فِي جَهَنَّمَ بَرْداً يُبَرِّدُ حَرَّ السَّعِيرِ، وَلاَ شَرَاباً يَرْويهِمْ مِنَ العَطَشِ. وَلاَ يَذُوقُونَ فِي النَّارِ إِلاَّ الحَمِيمَ (وَهُوَ المَاءُ المُتَناهِي فِي الحَرَارَةِ)، والغَسَّاقَ (وَهُوَ القَيْحُ والصَّدِيدُ المُنْتِنُ والعَرَقُ الذِي يَسِيلُ مِنْ أَجْسَادِ أَهْلِ النَّارِ).
وَهَذَا الذِي صَارُوا إِلَيهِ مِنَ العُقُوبَةِ وَالعَذَابِ، هُوَ جَزَاءٌ مُوَافِقٌ لأَعْمَالِهِم المُنْكَرَةِ، التِي كَانُوا يَعْمَلُونَهَا فِي الدُّنْيَا، فَكَأَنَّمَا وَافَقَ العَذَابُ الذَّنْبَ. وَقَدِ ارْتَكَبُوا المُنْكَرَاتِ، وَكَفَرَوا وَأجْرَمُوا لأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ سَيَرْجِعُونَ إِلَى اللهِ، وَأَنَّهُ سَيُحَاسِبُهُمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ. وَكَانُوا يُكَذِّبُونَ تَكْذِيباً شَدِيداً بِجَمِيعِ البَرَاهِينِ، وَالآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُودِ اللهِ تَعَالَى، وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَعَلَى صِدْقِ النُّبُواتِ، وَعَلَى صِدْقِ مَا جَاءَ فِي القُرْآنِ المُنَزَّلِ مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعَالَى. وَقَدْ أَحْصَى اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ جَمِيعَ أَعْمَالِهِمْ، وَأَثْبَتَهَا المَلاَئِكَةُ المُطَهِّرُونَ الحَفَظَةُ فِي صَحَائِف أَعْمَالِ هَؤُلاَءِ كِتَابَةً، وَلِذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَجْحَدُوا شَيْئاً مِمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(٧١) المناجاة بالإثم والعدوان:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute