للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْلَمَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، ثُمَّ نَدِمَ فَأَرْسَلَ إلَى قَوْمِهِ أنْ اسْأَلُوا رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ وَمَا بَعْدَهَا فَعَادَ إلى الإِسْلاَمِ.

فَالذِينَ يَرْتَدُّونَ عَنِ الإِسْلاَمِ بَعْدَ أنَ تَبَّينَ لَهُمْ هُدَاهُ، وَقَامَتَ لَدَيْهِمِ البَرَاهِينُ عَلَى صِدْقِهِ، وَصِدْقِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ الرَّسُولُ، كَيْفَ يَسْتَحِقُونَ الهِدَايَةَ؟ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِنَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الظَالِمِينَ أنْفُسَهُمْ، الجَانِينَ عَلَيهَا، لأَنَّهُمْ تَنَكَّبُوا عَنِ الطَّرِيقِ القَوِيمِ، وَتَرَكُوا هِدَايَةَ العَقْلِ، بَعْدَ أنْ ظَهَرَ نُورُ النُّبُوَّةِ، وَعَرَفُوهُ بِالبَيِّنَاتِ.

وَهَؤُلاَءِ يَسْتَحِقُونَ سَخَطَ اللهِ وَغَضَبَهُ، وَسَخَطَ المَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ جَمِيعاً، إِذْ أَنَّهُمْ مَتَى عَرَفُوا حَقِيقَةَ حَالِهِمْ لَعَنُوهُمْ.

وَمَنْ لَعَنَهُمُ اللهُ تَعَالَى كَانَ جَزَاؤُهُمُ العَذَابَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ فِي الآخِرَةِ، وَيَبْقَوْنَ خَالِدِينَ فِي اللَّعْنَةِ وَالعَذَابِ مَسْخُوطاً عَلَيْهِمْ إلَى الأبَدِ. وَلاَ يُفَتَّر عَنْهُمُ العَذَابُ، وَلاَ يُخَفَّفُ سَاعَةً وَاحِدَةً، وَلاَ يُمْهَلُونَ لِمَعْذِرَةٍ يَعْتَذِرُونَ بِهَا.

وَمِنْ لُطْفِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ أنَّ مَنْ تَابَ إِلَيهِ مِنْ عِبَادِهِ، تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، فَاسْتَثْنَى، اللهُ تَعَالَى مِنْ حُكْمِ المُرْتَدِّينَ، الذِين تَابُوا مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَأَنَابُوا إلَى رَبِهِمْ، وَتَرَكُوا الكُفْرَ الذِي دَنَّسُوا بِهِ أنْفُسَهُمْ، نَادِمِينَ عَلَى مَا أصَابُوا مِنْهُ، وَأصْلَحُوا أَنْفُسَهُمْ بِصَالِحِ الأَعْمَالِ، فَإنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيهِمْ، وَيَقْبَلُ تَوْبَتَهُمْ، وَيَغْفِرُ لَهُمْ لأنَّهُ تَعَالَى هُوَ الغَفُوُرُ الرَّحِيمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>