للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ يَدْعُو اللهُ تَعَالَى مَنِ التَزَمَ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِعَهْدِهِ للهِ إِلَى الاسْتِبْشَارِ بِذَلِكَ الفَوْزِ العَظِيمِ، وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ، لأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَفَاءً بِالْعَهْدِ، وَلاَ أَكْثََرَ مِنْهُ التِزَاماً بِالوَعْدِ الذِي يَقْطَعُهُ عَلَى نَفْسِهِ الكَرِيمَةِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ رِبْحٌ أَكْبَرُ مِنَ الرّبِحِ الذِي يُحَقّقُهُ المُؤْمِنُونَ فِي هَذِهِ الصَّفْقَةِ.

وَهُنَا يُعَدِّدُ اللهُ تَعَالَى صِفَاتِ المُؤْمِنِينَ الذِينَ اشْتَرَى مِنْهُمْ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِالجَنَّةِ، وَهُمُ: التَّائِبُونَ مِنْ الذُّنُوبِ كُلِّها، التَّارِكُونَ لِلْفَوَاحِشِ، القَائِمُونَ بِعِبَادَةِ رَبِّهِمْ، وَالمُحَافِظُونَ عَلَيهَا، وَالحَامِدُ نَ للهِ عَلَى نِعَمِهِ وَأَفْضَالِهِ، السَّائِحُونَ فِي الأَرْضِ، لِلاعْتِبَارَِ وَ الاسْتِبْصَارِ بِمَا خَلَقَ اللهُ مِنَ العِبَرِ وَ الآيَاتِ، (وَقِيلَ أَيْضاً إِنَّ مَعْنَى السَّائِحِينَ هُنَا الصَّائِمُونَ) وَالمُصَلُّونَ. وَهُمْ مَعْ ذَلِكَ كُلِّهِ يَسْعَوْنَ فِي نَفْعِ خَلْقِ اللهِ، وَإِرْشَادِهِمْ إِلَى طَاعَتِهِ، بِأَمْرِهِمْ بِالمَعْرُوفِ، وَنَهِيهِمْ عَنِ المُنْكَرِ، مَعَ العِلْمِ بِمَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ، وَيَجِبُ تَرْكَهُ طَاعَةً للهِ (أَيْ إِنَّهُمْ يَحْفَظُونَ حُدُودَ اللهِ). وَيُبَشِّرُ اللهُ المُؤْمِنِينَ المُتَّصِفِينَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الكَرِيمَةِ بِخَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

(١٢) المحسنون:

قال تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢٦) [يونس/٢٦]

يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ الذِينَ يَسْتَجِيبُونَ لِدَعْوَةِ اللهِ، وَيُحْسِنُونَ العَمَلَ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيا، سَيَكُونُ جَزَاؤُهُمُ الحُسْنَى مِنَ اللهِ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ (وَهَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ)، وَسَيُضَاعِفُ اللهُ لَهُمْ ثَوَابَ أَعْمَالِهِمْ (وَزِيَادَةٌ)، وَسَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، وَسَيُعْطِيهِمْ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>