(يطير في الجنة مع الملائكة بجناحين) سميا جناحين لأن الطائر يجنحهما عند الطيران أي يميلهما عنده ومنه {وإن جنحوا للسلم} وهذا قاله لولده لما جاء الخبر بقتله وفي رواية عوّضه اللّه جناحين عن قطع يديه وذلك أنه أخذ اللواء بيمينه فقطعت فأخذه بشماله فقطعت فاحتضنه فقتل. قال القاضي: لما بذل نفسه في سبيل اللّه وحارب أعداءه حتى قطعت يداه ورجلاه أعطاه اللّه أجنحة روحانية يطير بها مع الملائكة ولعله رآه في المنام أو في بعض مكاشفاته اهـ. وقال السهيلي: ليسا كجناحي الطائر لأن الصورة الآدمية أشرف بل قوة روحانية وقد عبر القرآن عن العضو بالجناح توسعاً {واضمم يدك إلى جناحك} واعترض بأنه لا مانع من الحمل على الظاهر إلا من جهة المعهود [ص ٩] وهو قياس الغائب على الشاهد وهو ضعيف. (تتمة) قال في الإصابة: كان أبو هريرة يقول: إن جعفر أفضل الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ورد عنه بسند صحيح. أهـ
[*](قال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه أهوال القبور:
فالأحاديث السابقة كلها فيمن قتل في سبيل الله وبعضها صريح في ذلك، وفي بعضها أن الآية نزلت في ذلك وهو قوله تعالى {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً} الآية نص في المقتول في سبيل الله.
وقد يطلق الشهيد على من حقق الإيمان وشهد بصحته بقوله تعالى: (وَالّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلََئِكَ هُمُ الصّدّيقُونَ وَالشّهَدَآءُ عِندَ رَبّهِمْ) [الحديد: ١٩]
(وروى سفيان عن رجل عن مجاهد قال: كل مؤمن صديق وشهيد ثم قرأ (وَالّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلََئِكَ هُمُ الصّدّيقُونَ وَالشّهَدَآءُ عِندَ رَبّهِمْ)[الحديد: ١٩]
(وخرج ابن أبي حاتم من رواية رشدين بن سعد عن ابن عقيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: كلكم صديق وشهيد. قيل له: ما تقول يا أبا هريرة؟ قال: إقرأ (وَالّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلََئِكَ هُمُ الصّدّيقُونَ وَالشّهَدَآءُ عِندَ رَبّهِمْ)[الحديد: ١٩]
ويعضد هذا ما ورد في تفسير قوله تعالى:(لّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)[البقرة: ١٤٣] من شهادة هذه الأمة للأنبياء بتبليغ رسالاتهم، وبكل حال فالأحاديث المتقدمة كلها في الشهيد المقتول في سبيل الله لا يحتمل غير ذلك، وإنما النظر في حديث ابن إسحاق هذا والله أعلم.