للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفِهْرٍ (١) أو صخرة، فَيَشْدَخُ به رأسه، فإِذا ضربه تَدَهْدَه (٢) الحجر، فانطلق إِليه ليأخذه؛ فلا يرجع إِلى هذا حتى يلتئم رأسه؛ وعاد رأسه كما هو، فعاد إِليه فضربه، قلت: من هذا؟ قالا: انطلق.

فانطلقنا إِلى ثُقْبٍ مثل التّنّور؛ أعلاه ضيّق وأسفله واسع، يتوقّد تحته ناراً؛ فإِذا اقترب ارتفعوا حتى كاد أن يخرجوا، فإِذا خمدت رجعوا فيها، وفيها رجال ونساء عراة، فقلت: من هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم، فيه رجل قائم، وعلى وسط النهر رجل بين يديه حجارة -قال يزيد ووهب بن جرير عن جرير بن حازم: وعلى شطّ النهر رجل-؛ فأقبل الرجل الذي في النهر، فإِذا أراد أن يخرج؛ رمى الرجل بحجر في فيهِ؛ فردَّه حيث كان، فجعل كلّما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر، فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا؟ قالا: انطلق، فانطلقنا حتى انتهينا إِلى روضة خضراء فيها شجرة عظيمة، وفي أصلها شيخ وصِبيان، وإذا رجل قريب من الشجرة بين يديه نار يوقدها، فصعِدا بي في الشجرة، وأدخلاني داراً لم أرَ قط أحسن منها، فيها رجال شيوخ وشباب ونساء وصبيان، ثمّ أخرجاني منها، فصعدا بي الشجرة؛ فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل، فيها شيوخ وشباب، قلت: طوّفتماني الليلة فأخبِراني عمّا رأيت؟ قالا: نعم.

أمّا الذي رأيته يُشق شِدقه؛ فكذاب يحدِّث بالكذبة، فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق، فيصنع به إِلى يوم القيامة. والذي رأيته يُشدخ رأسه؛ فرجل علّمه


(١) الفِهْر: هو الحجر مِلءُ الكفِّ. وقيل: هو الحجر مطلقاً. "النهاية".
(٢) أي: تدحرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>