الائتلاف والاصطفاف، مكللة بآلاف من الفاكهة متنوعة الأصناف، عليها من رونق الورق المونق، ثياب سندس خضر واستبرق، ومن الثمر والزهر، أنواع زمرد وجوهر، والنهر بفرط صفائه، ورقة مائه، ينم على ما بأسفل أجزائه، من رحله وحصبائه، كأنها در منثور، في باطن بلور، أو كافور مذرور، في غلائل من نور، يظفر فيه كل من الحواس الخمس بحصته، من نعيمه ولذته، فالباصرة بحسن رؤيته وبهجته، واللامسة بطلف ملمسه مع برودته، والذائقة بعذوبته، والسامعة بخرير تياره، والشامة بعبير أشجاره وأزهاره، فلم نتمالك أن ملنا إليه، وترامينا عليه، لائذين من خطر ما مر، عائذين به من ضرر الظمأ والحر، لنتبوأ به مقيلا، ونتفياً منه ظلاً ظليلا، ونتلو " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلا "، ونتمثل بقول الأول:
إلى آخر ما قال وبالجملة فلا عيب يذكره لهذا المنظر، سوى إعجاز واصفيه، عن وصف ما فيه. فلما أخذنا بغيتنا من الراحة والاستقرار، وخشينا أن ينهار جرف النهار، نهضنا إلى الترحال فشددنا الرحال وملأنا المزاود من ذلك الماء الزلال، ونزعنا عنه والنفس نازعة إليه، حائمة عليه، مرفرفة حواليه، ثم سرنا نخبط، ونصعد ونهبط، والنهر