سلوتي عنكم احتمال بعيد ... وافتضاحي بكم ضلال قديم
معشر اللائمين فيما جهلتم ... لو رأيتم جماله لم تلوموا
إن نار الهوى لدى كل صب ... مع ذكر الحبيب روض نعيم
كل من يدعي المحبة فيكم ... ثم يخشى الملام فهو مليم
وما أحلى قوله:
يا نديمي قم ونبه ... واسقني واسق الندامى
خلني أسهر ليلي ... ودع الناس نياما
اسقياني وهدير الرعد قد أبكى الغماما
في زمان سجع الطير على الغصن وحاما
وأوان كشف الور ... د عن الوجه اللثاما
أيها المصغي إلى الزهاد دع عنك الملاما
فز بها من قبل أن يجعلك الدهر عظاما
قل لمن عير أهل الحب بالجهل ولاما
لا عرفت الحب هيهات ولا ذقت الغراما
لا تلمني في غلام ... أودع القلب سقاما
فبداء الحب كم من ... سيد أضحى غلاما
انتهى. فهذا المترجم قد طار ذكره وفاق، وانعقد على انفراده في بلاده الاتفاق، قد قصده الطلاب من الأقطار، ونحاه الرغاب لما يعلمون لديه من بديع الأوطار. قد أخذ عن العلماء الأفاضل، إلى أن امتاز بالفضائل والفواضل، فدرس وأفاد، وجاد، وأجاد، وأظهر من المعارف التحقيقية ما لم يكن على بال، وبهر في فنونه التدقيقية من بحر ذهنه السيال:
فكأنما هو روضة ... تهتز في يوم مطير
أزهارها ككواكب ... قد زينت فلك الأثير
علامة لم يلق في ... هذا الزمان له نظير
إن جال في التفسير فالتفسير أعسره يسير