وتضررت بعض مدرعاته، وانحازت العساكر المصرية إلى مكان يسمى كفر الدوار، وجيشوا هناك، واستولت العساكر الانكليزية على الاسكندرية وبقي الخديوي فيها، وانكشف الغطاء على مخالفة العساكر للخديوي، وكان معه درويش باشا المذكور، فرجع إلى الآستانة وبقي مع الخديوي الكاتب الثاني للسلطان، واشتد إلحاح الانكليز على الدولة في إرسال العسكر، ولم ترسل الدولة إلى أن وقعت عدة محاربات برية، كان النصر فيها للمصريين، واستولت انكلتيره على برت سعيد وسائر خليج السويس، وكان أكبر المعسكرات المصرية في التل الكبير بين القاهرة والإسماعيلية، وتضايق الإنكليز في لزوم قوة كبيرة لهم لإتمام قصدهم
لأن فرانسا لما فتح مجلس نوابها لاستشارته في حرب مصر أنكر ذلك أشد الإنكار، فسحبت أسطولها وبقيت على الحياد، والدولة العثمانية وإن وافقت أخيراً على إرسال عسكرها لكن تشدد الإنكليز في جعله تحت أمرهم، وأن لا يتصرف إلا على نحو إشارتهم، وأن يخرج متى ما أمروه بالخروج ألزم تأخر إرساله، وكان تصرف العساكر المصرية بغاية الاحتراز من الأفعال البربرية، سوى ما صدر من أفراد من العربان والفلاحين في جهات قليلة، وبينما الأمر على ذلك وإذا بالدولة العثمانية نشرت إعلاناً حسب طلب انكلتيرة، بأن عرابي وكل من انحاز إلى حزبه عصاة، فلم يمض على ذلك بضعة أيام إلا وقد انحلت عرى التعصب المصري، ودخلت العساكر الانكليزية إلى القاهرة بدون أدنى حرب ولا معارضة، مع أن الجيش المصري ومن انضم إليه من العربان وغيرهم المتجاوزين المائة ألف والخمسين ألف محارب بأتم قوات الاستعداد، فتفرقوا جميعاً أيدي سبا في بضع ساعات، وسلم عرابي نفسه أسيراً إلى الانكليز، فرجع الخديوي إلى مصر وأقيم وكيل مدافع انكليزي عن رؤساء العساكر المصرية، وآل الأمر