للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَقَعَ أَمَامَنَا - وَكَانَ الجَمَاعَةُ يَأْكُلُوْنَ مِنْهُ - فَلَمْ أَسْتَطِبْهُ عَلَى الرِّيْقِ فَلَمَّا نَزَلْنَا الخِيَامَ وَأَمْسَيْنَا، وَحَضَرَ العَشَاءُ، وَأَكَلْنَا الطَّعَامَ، ذَكَرْتُ ذلِكَ البَرَدَ، وَوَدَدْتُ (١) أَنْ لَوْ كَانَ الآنَ مِنْهُ شَيْءٌ وَأَظُنُّ أَنِّي دَعُوْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَأْتِيَنَا مِنْهُ شَيْءٌ، فَمَا كَانَ إِلَّا لَحْظَةً وَالسَّحَابُ هَمَى (٢)، وَإِذَا البَرَدُ فِيْهِ كَثِيْرٌ، وَشَرَعَ الغِلْمَانُ وَجَمَعُوا مِنْهُ شَيْئًا كَثِيْرًا، وَجَاءُوْا بِهِ، فَأَكَلْتُ مِنهُ حَتَّى تَرَكْتُهُ، وَحَمِدْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، وَإِعْطَائِهِ لِمَا خَطَرَ فِي النَّفْسِ.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ جَالِسًا فِي سَطْحٍ أُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَعَيْنَايَ مُغْمَضَتَانِ، فَرَأَيْتُ كَاتِبًا يَكْتُبُ فِي قِرْطَاسٍ أَبْيَضَ بِمِدَادٍ أَسْوَدَ، مَا أَذْكُرُهُ، وَكُلَّمَا قُلْتُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ"، كَتَبَ الكَاتِبُ: "اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ"، فَقُلْتُ لِنَفْسِي: افْتَحْ عَيْنَكَ وَانْظُرْ بِهَا، فَفَتَحْتُ عَيْنَيَّ، فَخَطَفَ عَنْ يَمِيْنِي، حَتَّى رَأَيْتُ (٣) بَيَاضَ ثَوْبِهِ، وَهُوَ شَدِيْدُ البَيَاضِ فِيْهِ صَقَالَةٌ.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَرِضْتُ مَرَّةً مَرَضًا شَدِيْدًا انْتَهَى بِيَ الأَمْرُ فِيْهِ إِلَى مَقَامٍ (٤) رُفِعْتُ فِيْهِ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ ظِلِّ مَمْدُوْدٍ، وَرَمْلَةٍ دَمِثَةٍ، وَهُوَ أَطْيَبُ مُسْتَلَذٍّ، وَبِجَانِبِ تِلْكَ الرَّمْلَةِ مَاءٌ عَلَى نَحْوِ دِجْلَةَ لَا أَجْرَافَ لَهُ، وَأَنَا أُنَاجِي


(١) في الأُصُولِ كُلِّها و (ط): "وددت".
(٢) في (ط): "هَمْلَى" وفي (ب): "بهما". قَالَ شَاعِرُ الأَنْدَلُسِ:
جَادَكَ الغَيْثُ إِذَا الغَيْثُ هَمَى … يَا زَمَانَ الوَصْلِ بِالأَنْدَلُسِ
(٣) في (ط) و (أ): "نَظرْتُ" وفي هَامِشِ (أ) كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ قِرَاءَةُ نُسْخَةٍ أُخْرى.
(٤) في هامِشِ (أ) "مَنَامٍ" قِرَاءَةُ نُسْخَةٍ أُخْرى.