للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فِي سِرِّي بِمَا أُرَاهُ مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَفِيْهِ عِتَابٌ لِي عَلَى نَظَرِي إِلَى الخَلْقِ وَعَمَلِي لَهُمْ، وَنَحوِ هَذَا، فَشَرَعْتُ فِي الإِنْكَارِ لِذلِكَ، فَاستَوْحَشْتُ حِيْنَئِذٍ مِنَ الحَيَاةِ وَوَدَدْتُ (١) المَوْتَ كُلَّ الوِدَادِ، حَتَّى كُنْتُ أَقُوْلُ: لَوْ كَانَ الشَّرْعُ يُبِيْحُ قَتْلَ النَّفْسِ كَانَ شَيْئًا طَيِّبًا، ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيَّ أَعْمَالُ الخَيْرِ كُلُّهَا، فَلَمْ تَخْفَ عَلَيَّ كَمَا كَانَتْ تَخْفَى عَلَيَّ، فَوَقَرَ حِيْنَئِذٍ فِي نَفْسِي أَنَّكَ إِنَّمَا كُنْتَ تُرِيْدُ الحَيَاةَ مَعَهُمْ، وَأَعْمَالُ الخَيْرِ لِتَبْلُغَهُمْ، وَنَحْوِ هَذَا، فَاعْتَرَفْتُ حِينَئِذٍ بِمَا كُنْتُ قَدْ نَاكَرْتُ عَلَيهِ، ثُمَّ نُوْجِيْتُ أَيْضًا بِمَا مَعْنَاهُ: إِنَّكَ قَدْ تَخَافُ مِنَ الأَشْيَاءِ، وَإِنَّ دَوَاءَ ذلِكَ كُلَّهُ أَنْ تَدْخُلَ فِي الخَوْفِ مِنْهُ بِالإِيْمَانِ بِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوْقٍ لَا يَقْدِرُ إِلَّا عَلَى مَا يُقَدِّرُهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ لِوَقْتِهِ، أَوْ نَحْوِ هَذَا.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: اتِّبَاعُ السُّنَّةِ سَبَبٌ لِكُلِّ خَيْرٍ، فَإِنِّي صَلَّيْتُ الفَرِيْضَةَ يَوْمًا فِي مَسْجِدِنَا، ثُمَّ قُلْتُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ تُصَلِّيَ السُّنَّةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الفَرْضِ وَمَضَيْتُ إِلَى البَيْتِ فَصَلَّيْتُهَا (٢) ثُمَّ اشْتَاقَ قَلْبِي إِلَى رُؤْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَرِنِي نَفْسَكَ، فَنِمْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَرَأَيْتُهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْشَدَ هَذِهِ الأَبْيَاتِ، وَقَالَ: كَانَ ابْنُ سَمْعُونَ (٣) كَثِيْرًا مَا يُنْشِدُهَا:


(١) فِي الأُصول كُلِّهَا، و (ط): "وودت".
(٢) في (ط): "فَصَيلتها" خَطَأُ طِبَاعَةٍ.
(٣) هُوَ الشَّيْخُ، الإِمَامُ، الوَاعِظُ، الكَبِيْرُ، المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَينِ، مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ إِسْمَاعِيلَ بنِ عَنْبَسٍ البَغْدَادِيُّ (ت: ٣٨٧ هـ). أَخْبَارُهُ فِي: تَارِيْخِ بَغْدَادَ (١/ ٢٧٤)، وَالإِكْمَالِ لابنِ مَاكُوْلا (٤/ ٣٦٢)، وَطَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (٣/ ٢٧٧) وَمَصَادِرُ تَرْجَمَتِهِ هُنَاكَ.