للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مُجْرِمِيهَا} إِنَّهُ عَلَى التَّقْدِيْمِ وَالتَّأْخِيرِ، أَيْ جَعَلْنَا مُجْرِمِيْهَا أَكَابِرَ.

وَقَالَ: البَحْرُ مُحِيْطٌ بِالأَرْضِ، وَخِلْجَانُهُ تَتَخَلَّلُ الأَرْضَ، وَالرِّيْحُ تَهُبُّ عَلَى المَاءِ، وَتَمُرُّ عَلَى الأَرْضِ، فَيَعْتَدِلَ النَّسِيْمُ بِالرُّطُوْبَةِ، وَلوْ كَانَ مَاءَ البَحْرِ عَذْبًا لأَنْتَنَ؛ لِكَوْنِهِ وَاقِفًا، فَكَانَتْ الرِّيْحُ إِذَا هَبَّتْ عَلَيْهِ أَوْقَعَتِ الوَبَاءَ فِي الخَلْقِ، وَلكِنَّهُ جُعِلَ مَالِحًا، لِيَحْصُلَ مِنْهُ نَفْعُ الرُّطُوْبَةِ، وَلَا يَقَعُ بِهِ فَسَادٌ.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: احْذَرُوا مَصَارِعَ العُقُوْلِ، عِنْدَ التِهَابِ الشَّهَوَاتِ.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: العَجَبُ مِمَّنْ يُخَاصِمُ الأَقْدَارَ وَلَا يُخَاصِمُ نَفْسَهُ، فَيَقُولُ: قُضِيَ عَليَّ، وَعَاقَبَنِي! وَيْحَكَ، قُلْ لَنَا: كَيْفَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَمْرُ؟ أَتَخْتَارُ أَنْ تُخْلَقَ أَعْمَى لَا تَنْظُرُ إِلى المُسْتَحْسَنِ؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: أَفَتُحِبُّ أَنْ تُخْلَقَ مَعْدُوْمَ الحِسِّ؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: أَتَخْتَارُ أَنْ تُرَدَّ عَنِ المَعَاصِي قَهْرًا؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: أَفَتُؤْثِرُ أَنْ تُطْلَقَ فِيْهَا مِنْ غَيْرِ حَجْرٍ؟ فَلَا تَغْضَبُ إِذًا إِنْ أَطْلَقَ غَيْرُكَ فِي أَخَوَاتِكَ وَبَنَاتِكَ، فَأَمَّا أَنْ تَغْضَبَ لِذلِكَ الفِعْلِ مِنْ غَيْرِكَ فِي حَرَمِكَ، وَتَخْتَارُ أَنْ تَفْعَلَهُ فِي حَرَمِ غَيْرِكَ فَهَذَا فِي غَايَةِ الجَوْرِ، فَإِذَا جَعَلَ لَكَ الطَّرِيْقَ إِلَى مُرَادِكَ بكَلِمَةٍ هِيَ عَقْدُ النِّكَاحِ، أَوْ عُوِّضْتَ عَمَّا مُنِعْتَ عَنْهُ مِنْ جِنْسِهِ وَوُعِدْتَ الأَجْرَ عَلَى الصَّبْرِ، فَهَذَا غَايَةُ العَدْلِ، فَإِنْ زَلَلْتَ فِي مَعْصِيَةٍ فَقَدْ جُعِلَ لَكَ طَرِيْقُ النَّجَاةِ بِالتَّوْبَةِ.

قَالَ مُصَنِّفُ سِيْرَةِ الوَزِيْرِ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: قَفَلْتُ فِي صُحْبَةِ أَمِيْرِ المُؤْمِنِينَ المُقْتَفي مِنَ "الكُوَفَةِ" بَعْدَ وِدَاعِ الحَاجَّ، فَشَاهَدْنَا فِي الطَّرِيْقِ بَرَدًا كِبَارًا قَدْ (١)


(١) في (أ): "في".