للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَحَمَلَ أَبُو الوَفَاءِ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي نَفْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الأَلَمِ أَمرًا عَظِيْمًا، وَلكنَّه تَصَبَّرَ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنهُ جَزَعٌ، وَكَانَ يَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ القُلُوْبَ تُوْقِنُ بِاجْتِمَاعٍ ثَانٍ لَتَفطَّرَتِ المَرَائِرُ لِفِرَاقِ المَحْبُوبَيْنِ.

وَقَالَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ - وَقَدْ دَخَلَ فِي عَشْرِ التِّسْعِيْنَ، وَذَكَرَ مَنْ رَأَى فِي زَمَانِه مِنَ السَّادَاتِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَأَقْرَانِهِ، وَغَيْرِهِمْ -: قَدْ حَمِدْتُ رَبِّي إِذْ أَخْرَجَنِي وَلَمْ يَبْقَ لِي (١) مَرْغُوْبٌ فِيْهِ، فَكَفَانِي صُحْبَةُ التَّأَسُّفِ عَلَى مَا يَفُوْتُ؛ لِأَنَّ التَّخَلُّفَ مَعَ غَيْرِ الأَمْثَالِ عَذَابٌ، وَإِنَّمَا هَوَّنَ فِقْدَانِي للسَّادَاتِ نَظَرِي إِلَى الإِعَادَةِ بِعَيْنِ اليَقِيْنِ، وَثِقَتِي إِلَى وَعْدِ المُبْدِئُ لَهُمْ عَلَى تِلْكَ الأَشْكَالِ وَالعُلُوْمِ أَنْ يَقْنَعَ لَهُمْ مِنْ الوُجُوْدِ بِتِلْكَ الأَيَّامِ اليَسِيْرَةِ، المَشُوْبَةِ بِأَنْوَاعِ التَّنْغِيْصِ وَهُوَ المَالِكُ، وَلَا وَاللهِ، أَقْنَعُ (٢) لَهُمْ إِلَّا بِضِيَافَةٍ تَجْمَعُهُمْ عَلَى مَائِدَةِ تَلِيْقُ بِكَرَمِهِ، نَعِيْمٌ بِلَا ثُبُوْرٍ، وَبَقَاءُ بِلَا مَوْتٍ وَاجْتِمَاعٌ بِلَا فُرْقَةٍ، وَلَذَّاتٌ (٣) بِغَيْرِ نُغْصَةٍ.

٦٨ - المُبَارَكُ بنُ عَلِيِّ (٤) بنِ الحُسَيْنِ بنُ بُنْدَارٍ البَغْدَادِيُّ المَخَرِّمِيُّ، الفَقِيْهُ


(١) في (ط) بطَبْعَتَيْهِ: "فَلَمْ يَبْقَ لِي. . .".
(٢) في (ط) الفقي: "لاقنع".
(٣) في (ط) الفقى: "ولدات".
(٤) ٦٨ - القَاضِي أَبُو سَعْدٍ المُخَرِّمِيُّ (٤٤٦ - ٥١٣ هـ):
أخبَارُهُ فِي: طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (٣/ ٤٨١)، وَمُخْتَصَرِهِ (٤١٢)، وَمَنَاقِبُ الإِمَامِ أَحْمَدَ (٦٣٥)، وَمُخْتَصَرِهِ (٢٣٦)، وَمُخْتَصَرِ الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ (ورقة: ١٧) =